محاسنها ، وصار في ذلك المكان خيول مرمية موتى وسروج مفرقة وسيوف مسقطة بذهب وبركستونات فولاذ بذهب وخوذ وزرديات وبقج قماش فلم يلتفت إليها أحد وكل من العسكرين قد اشتغل بما هو أهم من ذلك.
ثم إن السلطان سليما زحف بعسكره وأتى إلى وطاق السلطان فنزل في خيامه وجلس في المدورة واحتوى على الطشتخاناه وما فيها من الأواني الفاخرة وعلى الزردخاناه وما فيها من السلاح وعلى خزائن المال والتحف ، ونزل كل أمير من أمرائه في وطاق أمير من أمراء الغوري واحتوى على ما فيها فاحتوى على وطاق خمسة عشر أميرا مقدمي ألوف خارجا عن أمراء الطبلخانات والعشراوات ، واحتوى العسكر على خيام العسكر المصري والشامي والحلبي وغير ذلك. ولم يقع قط لأحد من سلاطين مصر مثل هذه الكائنة ومات تحت صنجقه في يوم واحد وانكسر على هذا الوجه أبدا ولا سمع بمثل ذلك ونهب ماله وبركه بيد عدوه غير قانصوه الغوري وكان ذلك في الكتاب مسطورا ، وكان السلطان والأمراء ما منهم أحد ينظر في مصالح المسلمين بعين العدل والإنصاف فردت عليهم أعمالهم ونياتهم وسلط عليهم ابن عثمان حتى جرى لهم ما جرى كما قيل في المعنى :
أين الملوك الألى في الأرض قد ظلموا |
|
والله منهم لقد أخلى أماكنهم |
ما ذكره المحلي في تاريخه في تفصيل هذه الملحمة
قال : التقى الجمعان في مرج دابق وباتوا تلك الليلة على غير حرب ولكن لم يهنأ لأحد منهم نوم خوفا من مكر بعضهم لبعض.
ولما اتضح نهار يوم الأحد الموافق للثالث والعشرين من رجب (تقدم أنه كان موافقا للخامس والعشرين منه) ركبوا كالبحر الزاخر فإذا صفوف العثمانية قد بانت صفا بعد صف خارجا عن الوصف والأعلام الملونة من اليسار والميمنة وهم سائرون كالبحر السيال وقد رتبوا الصف من كل طرف ، ثم طيروا من الطرف الكبير الذي فيه السلطان سليم مدفعا كبيرا كالبرق الخاطف والرعد القاصف تزلزلت منه تلك الصحراء وطلع دخان كالجبال الزرقاء ، فكان أول من بادر العثمانية بالحرب من طائفة الجراكسة أصلان بن بداق نائب حمص أخذ قنطاريته بيده وأطلق عنان جواده وصار يطعن في الفرسان يمينا وشمالا ، فلما