ثلاثمائة ، وكانت الليرة العثمانية في ذلك الحين بمائة وإحدى وعشرين قرشا ، وبيع الرطل من الخبز باثني عشر قرشا ، ثم تصاعد إلى ١٤ قرشا والرطل ألف درهم ، وبيع الرطل من السمن بخمسة وأربعين قرشا ، وبقي هذا الغلاء إلى نهاية آذار ، ثم فرج الله الكرب ورخصت الأسعار ، وتعرف هذه السنة إلى يومنا هذا بسنة الغلاء.
سنة ١٢٩٧
ذكر ولاية جميل نامق باشا
في هذه السنة عيّن واليا على حلب المرحوم جميل حسين باشا ابن نامق باشا.
قال في قاموس الأعلام : هو جميل باشا ابن نامق باشا المشير وهو أكبر أولاده ، بعد أن أكمل التحصيل في مكتب فنون الحربية صار ضابطا ، وبالنظر لذكائه واستعداده قطع عدة مراتب في مدة قليلة ، ثم صار ياورا عند السلطان عبد العزيز ، ثم صار رئيس المابين ، ثم قائد فرقة ، وفي أثناء ذلك كان في حلب في هذا المنصب. وفي سنة ١٢٩٧ عيّن واليا عليها ، وفي سنة ١٢٩٩ أنعم عليه برتبة مشير وبقي واليا في حلب مدة سبع سنين إلى سنة ١٣٠٤ ، وفي هذه السنة عزل عن حلب وعيّن واليا على الحجاز وبقي ثمة قليلا وأحضر إلى دار السعادة وعيّن عضوا في مجلس التفتيش العسكري العمومي ، وفي سنة ١٣٠٧ توفي فجأة وهو في قصره في محلة جامليجه في دار السعادة. هذا ما ذكره في ترجمته في قاموس الأعلام.
أقول : وهو أول وال أدركته من ولاة الشهباء ، وكان يكثر القعود بعد صلاة الجمعة في سوق الجوخ في دكان أحمد أفندي بطيخة بائع الأقمشة وهي الدكان الكبيرة التي هي عن يسار الداخل إلى خان العلبية وقد اتخذت الآن دكانتين ، وكنت أراه وأنا صغير أدخل إلى الخان المذكور متوجها إلى مخزننا الكائن في صدر هذا الخان. وكان رحمهالله عظيم الهيبة كثير الوقار سديد الرأي حسن الإدارة لشؤون الرعية ساهرا على ما فيه راحتها ، وسارت القوافل في مدة ولايته آمنة مطمئنة وأمنت السبل في جميع معاملات حلب ، بل امتد الأمن إلى أطراف العراق ، وكانت القوافل إذا حملت القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والبضائع لا تخشى معارضا ولا تجد في طريقها لقطاع الطريق أثرا لما يعلمونه من شدة سطوته وعظيم بطشه.