فائدة في ذكره فأضربت عنه ، ثم قال) : وهذا الماء هو كائن في بلاد العجم أخبرني من أحضره بأنه في واد وعلى مكانه خدمة ، والسمرمر طائر يعادي الجراد ويقتله ويكون بينهما مقتلة عظيمة يحمل كل منهم على الآخر ويفر الجراد بين يديه اه.
أقول : من خواص هذا الماء على ما زعموا أنه يكون سببا لجلب طير السمرمر من الأماكن القاصية إلى هذه الديار فيدفع عنهم جيوش الجراد الجرارة.
سنة ٨٦١
الغلاء الشديد في حلب
قال أبو ذر : في شهر صفر تزايد ارتفاع الأسعار واشتد الغلاء ، فشكى الناس حالهم إلى كافل حلب جانم في يوم الخميس أول ربيع الأول ثم صاحوا عليه يوم الجمعة ، وجاء أناس من طرف البلد إلى سوق الصابون ونهبوا حانوتا ، وماج الناس كموجان البحر وصلى الناس الجمعة وهم في وجل كبير وخوف من نهب الأسواق ، فغلقت الأسواق ولم يدخل أحد إلى الجامع من بابه الشرقي لإغلاق الأسواق ، ثم بعد صلاة الجمعة رمى الناس بعضهم بعضا بالحجارة على سطح الجامع وأصبح الناس وباب الجامع المذكور والأسواق مغلقة.
بطلان الدراهم المستعملة وضرب دراهم جديدة بحلب :
وفي العشرين منه غيرت الدراهم بحلب وصار الأشرفي بخمسين درهما وكان الأشرفي في أيام الأشرف برسباي بأربعين درهما ، وصار يترقى لفساد المعاملة حتى صار بمائة درهم. وكانت الدراهم غالبها نحاس بسكك مختلفة فيذهب الشخص ليشتري له حاجة فترد عليه ولا يقبضها غالب الناس ، وغلت الأسعار بسبب ذلك فاجتهد الكافل جانم أخو الأشرف في إبطالها وضرب الدراهم ، وأقام لدار الضرب الشيخ شمس الدين ابن السلامي وكان قد فاوضني في ذلك فامتنعت واعتذرت بأني لا أعرف الدراهم ولا الزغل فأعفاني من ذلك ، ثم أقام لها بعد ذلك الشيخ شمس الدين ابن الشماع الشافعي وكان يخرج تارة بنفسه لدار الضرب وتسبك الدراهم بحفرته وتصك ، وعتب بعض الناس عليه في ذلك إذ هو صوفي فكيف يدخل نفسه في أمور الدنيا ، فبلغه ذلك فقال : بذلت نفسي لإصلاح أحوال الناس ، وأحضر أربع صيارف عارفين بالسكك والنقد فبعد ختمها يقف عليها الصيارف