الرحال ، وكانوا قد كاتبوا السلطان في أمره فأرسل ألف دينار إلى ابن السفاح ليصرفها في عمارة ذلك ، فاتفق رأي العامل نجم الدين مع ابن السفاح وقطعا المستحقين خلا أرباب الخمس وشرعوا في عمارة ذلك ، فلما خاف ابن السفاح من هيبة السلطان صرف شيئا قليلا من مال السلطان في عمل البوارز التي على الحائط المذكور وأخذت حجارة النقض ووضع منها شيء في معبر الباب الغربي (١) وبقي الباب القبلي بغير رفرف ، فشرع القاضي الحنفي ابن الشحنة في عمل رفرف عليه وركب في شهر شعبان سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وثبت الحائط على حاله ولم يزدد بعد ذلك شيئا أنتهى (٢).
وفي رجب دخل الحمزاوي إلى حلب كافلا ، وكان لين الجانب كثير الحياء والتودد للناس ، وله زوج عملت خيرا كثيرا لم تدع مزارا بحلب إلا وأرسلت له الدراهم وأحسنت للفقراء ، وعزلت عقبة ديركوش وسهلتها بعد صعوبتها ، وكانت لا تسمع بفقير صالح إلا وأحسنت إليه ولا بمعروف إلا وبادرت إليه ، وتحسن لأهل الحبس كثيرا وتطعم الأيتام وتكسوهم وتزوجهم ، وكانت شهمة لها همة عظيمة في فعل الخير ، وماتت بعد زوجها بدمشق عن أثاث كثير.
سنة ٨٥٥
أخلاق وعادات
قال أبو ذر في حوادث هذه السنة : في جمادى الأولى عمل الحاج محمد بن خليفة المعصراني وهو من أهل بانقوسا طهورا لأولاده ، وأراد أهل بانقوسا أن يلبسوا السلاح على عادتهم في المشي في خدمة المطهرين ، فشاع الخبر بأنهم يريدون الإيقاع بالحوارنة ، فأرسل الكافل خلف الأكابر وحذرهم من الفتن وأشهر النداء بعدم لبسهم ، فدخل إليهم جماعة من أكابر تجار بانقوسا والتزموا بأن لا يحدث شر بين الطائفتين ، فأذن في ذلك فلبسوا على عادتهم وطافوا في البلد ، فلما وصلوا إلى تحت القلعة صاح شخص : يا لقيس ، فوقعت الفتنة وحمي الوطيس ودامت إلى قرب العصر فقتل جماعة من الطائفتين ومن المتفرجين
__________________
(١) كان الباب الغربي في وسط الرواق الغربي ثم سد بعد ذلك وفتح الباب الموجود الآن أمام المدرسة الحلاوية.
(٢) في الهامش : وقد جدد في دولة آل عثمان.