منع أهالي حلب للجراكسة المنهزمين
من دخول حلب
قال المحلي : وأما ما كان من الجراكسة فإنه لما وقعت عليهم الكسرة نهب بعضهم بعضا وصار كل إنسان منهم يأخذ ما قدر عليه وكل من كان له عدو وقدر عليه قتله ، ولكل شيء آفة من جنسه ، ثم ذهب غالب العسكر قاصدين إلى حلب فمنعهم أهل حلب لشدة ما قاسوا منهم حين مجيئهم مع الغوري فتشتت شملهم وذهبت حميتهم وانكسرت شوكتهم بعد تلك القوة والمنعة العظيمة والبأس الشديد. وكان سبب سعادة أهل حلب من هذه الوقعة فإنهم كانوا أودع عندهم الجراكسة جميع أموالهم وخرجوا على جرائد الخيل فطمعت فيهم أهل حلب وصدوهم عن الدخول لأجل ذلك.
سبب آخر لمنعهم :
قال ابن إياس : وأما ما كان من الأمراء العسكر بعد الكسرة فإنهم توجهوا إلى حلب وأرادوا دخولها فوثب عليهم أهالي حلب قاطبة وقتلوا جماعة من العسكر ونهبوا سلاحهم وخيولهم وبرقهم ووضعوا أيديهم على ودائعهم التي كانت بحلب وجرى عليهم من أهل حلب ما لم يجر عليهم من عسكر ابن عثمان.
وكان أهل حلب بينهم وبين المماليك السلطانية حظ نفسي من حين توجهوا قبل خروج السلطان من القاهرة إلى حلب صحبة قاني بك أمير أخور كبير ، فنزلوا في بيوت أهل حلب غصبا واعتدوا على بعض النساء والأولاد وحصل منهم غاية الضرر والأذية لأهل حلب ، فما صدق أهل حلب أن وقعت لهم هذه الكسرة فأخذوا بثأرهم منهم ، فلما رأى الأمراء وبقية العسكر ذلك خرجوا من حلب حمية وتوجهوا إلى دمشق ودخلوها وهم في أفحش حال لا برك ولا قماش ولا خيول ، ودخل غالب العسكر إلى الشام وبعضهم راكب على حمار وبعضهم راكب على جمل وبعضهم عريان وعليه عباءة أو بشت ، ولم يقع لعسكر مصر مثل هذه الكائنة ، فأقام الأمراء والمباشرون والعسكر في الشام حتى تتكامل البقية ويظهر السالم من العاطب.