المستحقين للإعدام ، فجمع السردار أكابر الشهباء وأعيانها في ديوان دار الحكومة على حسب القانون المرعي في الآستانة في أمثال هذه الأمور وتذاكر معهم فيما تحقق من نوغاي باشا من التقصير في وظيفته فقرروا معه أن ينهي بذلك إلى الآستانة ، فجاءه الأمر بقتل نوغاي باشا وكلف أن يكون هو المنفذ لحكم الإعدام عليه فنفذه بالرغم عمّا كان من نوغاي باشا من الخدمات السابقة للدين والدولة وبالرغم عن حسن إدارته ودرايته ، وأرسل رأسه إلى الآستانة ، ثم عيّن واليا بعده على حلب أحمد باشا مع الإنعام عليه برتبة الوزارة.
اه.
ذكر فتنة اليكيجرية في حلب في هذه السنة
قال مصطفى نعيما في حوادث هذه السنة من تاريخه : يوم الاثنين في الثاني والعشرين من شهر شعبان من هذه السنة اجتمع نحو خمسمائة إنسان بتحريك بعض المفسدين من اليكيجرية وطلبوا عزل زعيمهم كوسا محمد آغا اليكيجري وكتخداه وكاتبه بدعوى عدم قبض رواتبهم ، ثم جاؤوا إلى بيت الآغا المذكور وهجموا على بيته وصاروا يرمونه بالنشاب قائلين : لا نريد الآغا المذكور ، فأطل عليهم غلمانه من النوافذ وأجابوهم : إنّا أيضا لا نريدكم ، ثم جاؤوا أيضا إلى بيت الكتخدا ونادوا بمثل ذلك فأجابهم هذا بعين جواب أولئك ، فتوجهوا إلى بيت الوالي وأفادوه أنهم لا يريدون الكوسا محمد آغا ولا كاتبه ، فوعدهم خيرا وأنه سينظر في هذا الأمر فلم يرتدعوا وظلوا على تمردهم ، فعند ذلك أرسل الآغا من طرفه رئيس الجلاوزة (الجاويشية) ومحضر آغا فصارا يلاطفانهم بالكلام فلم يجد ذلك شيئا ، وكذلك الوالي أرسل رسلا من طرفه لإخماد ثائرتهم فلم يفد وأصروا على طلبهم وهو عزل الكوسا محمد آغا وكتخداه وكاتبه بحجة أنه قتل منهم أربعة رجال. والآغا حينما بلغه إصرارهم اضطر إلى مغادرة حلب منهزما إلى الآستانة ، وحينما علموا بفراره طلبوا من الوالي إرجاعه وتسليمه لهم وعلا الضجيج منهم فغضب لذلك الوالي وأمر بالإيقاع بهم فصار بينهم وبين جماعة الوالي مصادمات قتل فيها منهم خمسون وجرح كثيرون وفر الباقون. فعند ذلك أتى لفيف من الأهالي إلى الوالي واعتذروا إليه عما كان من هؤلاء وأنه لا علم لهم ولا رضى بذلك وأكدوا له قولهم بالأيمان المغلظة وصوبوا رأيه بالإيقاع بهم. ثم إن الوالي أخذ يستقصي مثيري هذه الفتنة من المجروحين وكتب أسماءهم وآخر الأمر أعدمهم.