سنة ١٢٢٧
ذكر تولية حلب لجبّار زاده جلال الدين باشا
قال الشيخ بكري الكاتب في مجموعته : في سادس رجب من سنة ١٢٢٧ جاء ابن جبان إلى حلب ونزل في الشيخ أبي بكر الوفائي ودعا الأنجكارية بحيلة زينة وقتل آغوات الأنجكارية ومن جملتهم إبراهيم آغا الحربلي وياسين آغا ابن تل قراحية اه.
قال جودت باشا في الجزء العاشر من تاريخه في حوادث سنة ١٢٢٨ : ولظهور الفتن في حلب عزل عن ولايتها راغب باشا وعيّن جبار زاده جلال الدين باشا. وحينما كان واليا عليها وكان قد أعطي صلاحية واسعة احتال على قبض ثمانية عشر من رؤساء الأشرار في حلب وأعدمهم ، وبهذه الصورة سكنت الفتن هنا مدة اه.
(أقول) : الدائر على ألسنة الناس إلى يومنا هذا عن ابن جبار بالنون ، والمتواتر عنه أنه كان رجلا جبارا كاسمه ملأ الشهباء جورا وظلما منه ومن أتباعه وحواشيه وأخذ في مصادرة الناس ، ومتى سمع بغني كلفه دفع ما يأمره به من الأكياس (والكيس خمسمائة قرش) فإن لم يدفع أو تأخر عن الدفع أخذه أعوانه إلى القلعة وضربوا عنقه وألقوا برأسه وجثته إلى الخندق ، وكان كلما قتل شخصا ضرب مدفعا فإذا سمع في تلك الليلة صوت ثلاثة مدافع علم أن المقتول ثلاثة ، وكان الناس يتحدثون في اليوم الثاني أن فلانا (ضربوا طوبه) يعنون أنه قتل ، واضطر الناس في ذلك العصر إلى عدم التظاهر بالغنى والله أكبر على من تظاهر بشيء مما أنعم الله به عليه. نعم قد أحسن صنعا في قتل من قتله من الأنكجارية نظرا لما نقل إلينا بالتواتر أيضا من أنهم في ذلك العصر أكثروا من الفساد في الشهباء وخارجها ، وكان النساء إذا أردن الخروج إلى الحمام يخرجن مجتمعات مقدار عشرة فأكثر ، ومن خرجت منفردة تكون قد عرضت عرضها للهتك ، وإذا خرج منهن ثلاث أو أربع فهن على خطر. إلا أنه قتل هؤلاء لا لقطع دابر الفساد وإراحة العباد من أذاهم وشرهم وبسط بساط العدل والأمن في ربوع هذه البلاد بل ليخلفهم هو وأتباعه في سيىء أعمالهم ويحذو حذوهم في شرورهم وتعدياتهم ويزيد عليهم ، فكانت حالة الشهباء معه ومع أتباعه بالنسبة إلى حالة الأنكجارية كالمستجير من الرمضاء بالنار. والخلاصة أن ولايته وولاية خورشيد باشا الآتي ذكره والناسج على منواله كانتا أشد الولايات على الشهباء وزمنهما