وجرح جماعة ، فلما كان يوم الجمعة قبل الصلاة اقتتلوا أيضا تحت القلعة ، بأمر الكافل الأمراء ومماليكه فلبسوا السلاح وأشهروا النداء ودار القضاة الأربعة والمنادي ينادي : من لم يرجع عما هو عليه قتل ، فسكنت الفتنة.
واعلم أن سبب العداوة أولا أنه لما مات يزيد بن معاوية بويع ابن الزبير رضياللهعنهما بمكة ، وقام مروان بن الحكم بالشام في أيام ابن الزبير واجتمعت عليه بنو أمية ، وصار الناس بالشام فرقتين اليمانية مع مروان والقيسية مع الضحاك بن قيس متابعين لابن الزبير لأن الضحاك بايع ابن الزبير سرا بالشام ، وآخر ذلك أن الفريقين اقتتلوا بمرج راهط في الغوطة وانهزم الضحاك والقيسية وقتل الضحاك وجمع كثير من فرسان قيس ونادى منادي مروان أن لا يتبع أحد منهزما ، ودخل مروان دمشق ثم صار هذا في البلاد.
سنة ٨٥٧
ذكر وفاة الملك الظاهر جقمق العلائي وسلطنة ولده الملك المنصور عثمان
قال ابن إياس ما خلاصته : في هذه السنة في صفر توفي الملك الظاهر جقمق العلائي وله من العمر إحدى وثمانون سنة ، وكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية أربع عشرة سنة وعشرة أشهر ، وكان ملكا عظيما جليلا دينا خيرا متواضعا كريما يحب فعل الخير ، وكان عنده لين جانب ، يحب العلماء وينقاد إلى الشريعة ويقوم للعلماء ، إذا دخلوا عليه ، وكان يحب الأيتام ويكتب لهم الجوامك (الرواتب) ولا يخرج إقطاع من له ولد إلا إلى ولده ، وكانت الدنيا في أيامه هادئة من الفتن والتجاريد.
ولما مات أقيم في السلطنة ولده الملك المنصور أبو السعادات فخر الدين عثمان وهو الحادي عشر من ملوك الجراكسة وأولادهم بالعدد وبويع بالسلطنة وله من العمر نحو تسع عشرة سنة.
ذكر خلع الملك المنصور عثمان
وسلطنة الملك الأشرف إينال العلائي
قال ابن إياس : بقي الملك المنصور في السلطنة ثلاثة وأربعين يوما ، ثم خلع وأقيم في السلطنة الملك الأشرف إينال العلائي الظاهري وهو الثاني عشر من ملوك الجراكسة.