سنة ١٢٣٠
ذكر الطواعين التي حصلت في حلب من سنة ١٠٩٧ إلى هذه السنة
قال ابن الفنصاوي في رسالته التي نوهنا عنها في حوادث سنة ١٠٤٢ و ١٠٨٠ ما نصه بالحرف : وصار سنة ألف وسبع وتسعين طاعون إلا أنه ألطف منه وكان أشد من الطواعين التي صارت بعده ، ثم صار بعده طاعون سنة ١١٠٣ ألف ومائة وثلاثة ثم امتد إلى بغداد فأباد أهلها وتلك النواحي حتى حكى بعض أقاربنا أنه رأى ميتة في كفنها وكفنها مكتوب فيه : هذه بنت فلان وهي مربوطة على ظهر حمار من أمكنه أن يواري هذه الحرمة في التراب لنيل الثواب. وإن فلانا كان ذا مال عظيم ولم يكن أحد يواريها التراب وذلك لأنه لم يوجد من يتولى مثل هذه المصالح بل ولا غيرها ، وبقيت الأزقة والأسواق مملوءة بالموتى والمار لا يقدر على المرور من روايح الجيف ، والذي تصل إليه ويوجد له من يحمله يرمى في الشط ، فكان الرجل على ما نقل يمشي خطوات ثم يرجف ويقع فيموت في الحال. حتى حكي أن بيتا من البيوت دخله لص فمات في دهليزه في الحال ، ثم دخله آخر فمات في الحال إلى ثمانية أنفار ، فدخل التاسع فرأى أصحاب الدار كلهم موتى منتنين وهو يعرفهم من قبل ورأى اللصوص كلهم موتى في الدهليز وكان يعرفهم ، وفي حال دخول كل منهم كان مراقبا له لكونه من جيران ذلك البيت.
ثم صار طاعون سنة ١١٠٩ ألف ومائة وتسعة صار مخصوصا في بعض بيوت الناس بحلب. ثم صار طاعون سنة ١١١٧ ألف ومائة وسبعة عشر ظهر في شباط وانقطع بالكلية في أواخر تموز. ثم ظهر في السنة التي بعدها سنة ١١١٨ ألف ومائة وثمانية عشر في أوائل أيار وانقطع في الكلية في أواخر آب ، وكان طاعونا على خلاف العادة المعروفة من الطواعين الماضية في هذه البلاد على ما نقله المسنّون المعمّرون ، لكن كان طاعونا لطيفا ينزل الجامع الكبير كل يوم عشر جنائز أو أقل أو أكثر ولا يصل إلى عشرين إذا بلغ غاية الكثرة في اشتداده وأيام كثرته ، وكان امتداده لطيفا إذ لو مات فيه من مات في مدة أيامه المعودة لأوقع وهما في البلد فكان الخوف منه الخوف من امتداده فقط.
ثم صار طاعون سنة ١١٣١ ألف ومائة وإحدى وثلاثين ، وكان في الكثرة والشدة مثل الطاعون الذي وقع سنة ألف ومائة وثلاثين. ثم صار طاعون خاص ببعض الأشخاص