وبعض البيوت بحلب سنة ١١٤٠ ألف ومائة وأربعين. ثم وقع طاعون سنة ١١٤٥ ألف ومائة وخمسة وأربعين وهو قريب من طاعون سنة ألف وماية وإحدى وثلاثين ، وغالب من مات فيه فتيان من قبل الثلاثين إلى أولاد صغار الأكثر فيهم فوق العشرة دون العشرين.
ثم وقع الطاعون المشهور بعد الغلاء المشهور سنة ألف ومائة وسبعين بحلب ، فعلى ما أخبر المسنّون أنه في ذلك الغلاء قدم إلى حلب أكثر من عشرين ألف غريب كلهم فقراء وصاروا يجمدون الدم على النار ويأكلونه من الجدب العظيم الذي وقع في بلادهم ، ثم أعقبه الوباء المشهور العظيم. وفي سنة ١٢٠١ إحدى ومائتين وألف وقع بحلب أيضا الغلاء المشهور وأعقبه الوباء المشهور وبلغ في الكثرة على ما قيل كل يوم نحو ألف جنازة (انظر حوادث هذه السنة) وخلت منه غالب البلد.
وأما الطواعين التي شاهدها صاحب هذه الأوراق العبد الفقير عبد الله ابن السيد قاسم الفنصاوي فإن أول طاعون شاهدته بحلب سنة ١٢١٧ ألف ومائتين وسبعة عشر لطيف ينزل فيه إلى الجامع الكبير أيام زيادته نحو عشرين جنازة أو أقل ، ثم وقع أيضا سنة ١٢٢٢ ألف ومائتين واثنتين وعشرين مثله أو ألطف منه. ثم وقع سنة ١٢٢٨ ألف ومائتين وثمان وعشرين لطيف للغاية ، ثم اشتد سنة التاسعة والعشرين شدة تقرب مما وقع سنة الواحد لكن أقل.
ومات فيه من علماء حلب وفضلائها جماعة أجلاء فمن أجلّهم شيخنا وحيد الدهر وفريد العصر في الحفظ والإتقان الشيخ هاشم الكلاسي ، ومن أجلّهم المحقق المدقق الفقيه المحدث الشيخ عاصم البانقوسي والشيخان الكاملان الفاضلان الجامعان بين الحفظ والإتقان والروايات والعلم فقها وحديثا فروعا وأصولا ونحوا وأدبا الشيخ عبد الله والشيخ طه أولاد الشيخ محمد العقاد المشهور ، وشيخنا العالم الفاضل والنحرير الجهبذ الكامل الشيخ محمد الضرير الشهير بالنوري ، والشيخ أحمد الواعظ الخطيب بجامع الكبير الشهير بالأشرفي وغيرهم من أفاضل حلب. ثم عاودها في سنة الثلاثين بعد المائتين والألف وصار ثلاث سنين متواليات ، ومات في هذه السنة من العلماء الشيخ طاهر البانقوسي أخو الشيخ عاصم المذكور رحم الله الجميع.
سنة ١٢٣١
كان الوالي فيها سيد أحمد باشا كما في السالنامة.