وزيرا أعظم فوقع بينهما بالديوان العالي قيل وقال ، والخنكار (السلطان) يسمع من مكان عال ، فأحضرهما فلم يتأدبا فعزلهما معا فحصل لخسرو باشا حالة صار يقطع فيها أكمامه بأسنانه تقطيعا ومات قبل الأسبوع ، وكان قبل الوفاة قد أمر عتيقه فروخ كيخيا أن ينشىء له بحلب جامعا وتكية ، وأتم عمارتهما سنة إحدى وخمسين وتسعمائة ، وبعد وفاته جدد له خانا (١) وسوقا يكونان وقفا على جامعه وتكيته ، وأدخل من أدخل في حدود الخان مسجدا قديما كان يعرف بمسجد البهائي ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اه.
وقال في در الحبب في ترجمة فروخ : ابن عبد المنان الرومي الخسروي مولى خسرو باشا الوزير الرابع في الدولة السليمانية ، كان كتخداه وهو كافل حلب ، فلما تولى الوزارة أمره بإنشاء جامع وتكية بها فقام بإنشائها بمشارفة معمار رومي نصراني ولكن بعد إيذاء المعمارية بالضرب وغيره وإدخال عدة أوقاف فيها منها الدار التي عمرها وأوقفها المحب أبو الفضل ابن الشحنة والمدرسة الأسدية الملاصقة لها ومسجد ابن عنتر الملاصق لها ، وكانت هذه الدار أحد دور حلب العظام مشتملة كما ذكره منشئها في تاريخه على جنينة وبحرة وسبع قاعات ، بل كان بها فرن يشتغل بها وطشتخاناه وإصطبلات تليق بها وآبار لخزن الغلال ودهليز يصل إلى حمامه المشهور بحمام القاضي. واتفق في هذه المدرسة أن جعلت ميضاة للتكية المذكورة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. واتفق في محرابها عند تخزينه أن وجدوا تحته صندوقا من الحجر طوله أزيد من ذراع وعرضه نصف ذراع وفيه تراب لونه بنفسجي لم يدروا ما هو ، وفي أعمدة التكية المذكورة عمودان كانا للمدرسة المقدمية الكائنة بزقاق سلار بحلب فأخذهما ومتوليها إذ ذاك محمد جلبي ابن المرعشي ولم ينتطح فيها عنزان. ثم ساق بقية ترجمة فروخ وذكر أن وفاته كانت سنة ٩٦٩ وهو مع السلطان سليم الثاني في قتال أخيه السلطان بيازيد.
الكلام على الخان المعروف بخان قورت بك
أقول : موقع هذا الخان الذي من جملة أوقاف المدرسة الخسروية في المحلة المعروفة بسويقة علي ، وهو خان عظيم البناء متسع الأرجاء لم يزل بناؤه قائما من عهد الواقف ، وقد كان في يد دائرة الأوقاف تؤجره وتؤجر الحوانيت التي أخرجت من جداره الشرقي وتصرف ريعه في مصالح المدرسة المذكورة إلى السنة الماضية وهي سنة ١٣٤٢ ه ١٩٢٤ م ففيها تلقت
__________________
(١) هو الخان المعروف الآن بخان قورت بك الواقع في محلة السويقة.