سنة ٩٥١
ذكر تولية حلب لمصطفى باشا ابن بيقلي باشا
قال في «در الحبب» عو مصطفى ابن بيقلى باشا الرومي كافل حلب ، كان باشا زبيد من بلاد اليمن ثم كافل غزة ثم ولي كفالة حلب سنة إحدى وخمسين وتسعمائة فتتبع قطاع الطرق ليلا ونهارا بنفسة وعسكره وأظهر سطوته في اللصوص ، وربما جاءه النذير من طائفة من ذغار الأكراد أو غيرهم من مكان كذا فركب عليهم في الحال بثياب البذلة. ولما وقع الحريق ليلا في الحوانيت الكائنة تجاه جامع الأطروش والسوق الذي وراءه وقف ونادى أن لا يقرب من حوانيت الناس إلا أربابها وقطع النار عنها كما هو العادة ، ثم نادى أن ترفع أهل حلب السقايف المعمولة من البواري لسرعة عمل النار فيها وأن يعملوا السقايف من الأخشاب والدفوف ففعلوا ، بل جددت في أيامه سقايف لم تكن حتى ارتفع بسوق الخشب السعر لكثرة ما عمل بحلب من السقايف الجديدة.
ثم حصلت مبادي قحط عظيم فدبر بإذن الله تدبيرا عظيما حسنا دعا له الناس بواسطة الفقراء وهيأ للفقراء في كل يوم بدينار سيلماني خبزا وأشبع نفسه عن مفاسد كثيرة يسميها الناس مصالح لما ملكه من بلاد اليمن من الأموال العظام والتحف التي ما لها ثمن ، واعتنى بالخروج ليلا إلى خارج حلب لحسم مادة المفسدين ، وربما طاف ليلا بداخلها ، ثم تاب عن شرب الخمر وكسر أوانيه. وعزل في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وتأسف على عزله أهل البلد لا سيما فقراؤهم. وكان صنيعه لما ابتدأ الغلاء أن هدد الجلّابين ومنعهم من أن يبيع أحد منهم شيئا من الغلال بالقرى والمدينة ١ ، وصار كلما طلب الخبّازون سعرا نقص منه فأيسوا من رفع القيمة وحصل الرخص بإذن الله تعالى. وكان له صوباشي جركسي ذكروا أنه لم يكن ليشرب الخمر ولا ليفسق بالنساء وغيرهن ويطوف بحلب ماشيا كآحاد الناس رحمهالله وإيانا اه.
__________________
١ ـ في النسخة المطبوعة من «در الحبب» : وكان من صنيعه لما ابتدأ الغلاء أن هدد من يبيع أحدا من الجلّابين شيئا من الغلال بالقرى والمدينة. (٢ / ٤٩٢).