(أقول) : وبعض هذه المحلات قد انقسم الآن إلى محلتين وبعض الأسماء قد تغير لكن ذلك قليل ، وسنذكر في آخر الكتاب عدد المحلات الآن مع بيان أسمائها إن شاء الله تعالى.
(ثم قال) : وجميع هذه الأبواب ما عدا الجوامع وقليلا من المحلات تدفع (ويركو) إلى الحاكم في كل سنة شيئا معلوما عن كل دار ، والمحصل الذي يقبض هذه الضرائب المرتبة من أظلم الناس ، والمحصلون لا يكتفون بتحصيل هذه الضرائب المرتبة بل يأخذون زيادات كثيرة ، وهذا التعدي والظلم المتمادي جميعه على علم من الحاكم وهو يغض عنه لأن له حصة في هذه اللصوصية. وعدا عن ذلك كان الحكام الذين يتعينون مجددا يأخذون ضريبة خصوصية غير معينة وزيادتها وقلتها ترجع إلى رأي هؤلاء الحكام الذين لا يبالون بما يرتكبونه من ظلم الرعية وأخذهم أموال الناس بغير حق ، وهم بعد أن يتناولوا من الرعية ما يشبعون به بطونهم الواسعة يتركون للناس حريتهم الدينية ولا يبالون بما يتدينون به.
عدد نفوس الشهباء في ذلك العصر :
ثم من الأمور الصعبة أن يعرف عدد سكان هذه البلدة على الضبط والتحقيق ، إنما الأقرب إلى الصحيح أن عددهم يبلغ من ٢٨٥ مائتين وخمسة وثمانين ألفا إلى ٢٩٠ مائتين وتسعين ألفا ، وذلك عموم السكان على اختلاف الملل والنحل ذكورهم وإناثهم.
والنصارى وحدهم يقدرون من ٣٠ ثلاثين ألفا إلى ٣٥ خمسة وثلاثين ، واليهود يبلغون ٢٠٠٠ ألفي شخص.
والنصارى يدفعون عن كل رأس ستة قروش تؤخذ ممن بلغ سن الشباب ويؤخذ نصف قرش عن كل رأس ، وقد يؤخذ من المراهقين ضريبة بدعوى أنهم بالغون.
وصفه لأخلاق أهل حلب :
وقد امتاز أهالي حلب على جميع البلاد العثمانية بحسن المعاملة والمجاملة واللطف ، وتلك الأخلاق سجية فيهم لا كلفة فيها سواء كانوا عربا أو أتراكا ، وتمنعهم تلك الأخلاق من إيقاع الضرر بغيرهم ، ولكنهم إذا انساقوا إلى الإضرار مشوا وأضروا. وهم يودون الغرباء وخصوصا الإفرنج فإنهم يودونهم أكثر من سواهم. ومعاملتهم في التجارة حسنة وهم مستقيمون فيها. وهم أهل غيرة دينية يحافظون على الشريعة الإسلامية أشد المحافظة (وهنا وصف اليهود بذميم الصفات ثم قال) : وجل ما يحترف به اليهود هو الصرافة والدلالة ،