ذكر منع السلطان مراد خان في جميع ممالكه تعاطي شرب الدخان
قال العلامة الدحلاني في تاريخه «خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام» : كان أول ظهور شجرة الدخان سنة تسعمائة وتسع وتسعين ، وقد أرّخ ذلك بعض الفضلاء بقوله :
يا سائلي عن الدخان أجبني |
|
هل له في كتابنا إيماء ١ |
قلت ما فرط الكتاب بشيء |
|
ثم أرخت يوم تأتي السماء |
٥٦ ٨١١ ١٣٢ ٩٩٩
قال مصطفى نعيما في حوادث هذه السنة سنة ١٠٤٣ : وقد كان درويش باشا ونصوح باشا في زمن سلطنة السلطان أحمد الذي تولى السلطنة سنة ١٠١٢ قد ناهضا فكرة تناول الدخان واستعمال القهوة وسدا هذا الباب ، إلا أن ذلك لم يطل كثيرا وعاد الناس إلى ما كانوا عليه.
وفي هذه السنة حصل حريق عظيم في قسطنطينية وعلى أثره كثر اللغط والقيل والقال عن أسباب تلك المصيبة العظمى ، وكانت المساوي في القهاوي قد انتشرت وعمت وطمت ، فخشية من وقوع فتنة يستطير شررها صدر أمر السلطان مراد خان بإغلاق جميع الأماكن التي يتعاطى فيها شرب الدخان والقهوة على شرط أن لا تفتح فيما بعد مطلقا ، وأرسل بهذا الأمر إلى جميع الممالك العثمانية فعطلت فيها القهاوي أيضا وأشرفت على الخراب مع تمادي الزمن ، وبقي ذلك إلى زمن السلطان محمد خان ابن السلطان إبراهيم خان فعاد أرباب الفساد في أوائل سلطنته إلى ما كانوا عليه ، وشمل ذلك جميع الممالك العثمانية إلا دار السلطنة فإن أماكن القهوة بقيت مغلقة فيها.
وبعد أن أغلقت أماكن القهوة في زمن السلطان مراد أصدر أوامره بمنع شرب الدخان المسمى بالتوتون والتنباك وأن من يتناوله يقتل سياسة ، وأخذ العلماء والوعاظ يعظون الناس ويردعونهم عن تعاطيه ويحذرونهم عواقب مخالفة الأوامر السلطانية ، إلا أن البعض من الناس لم يرتدعوا بذلك وظلوا مصرين على شربه.
ثم بلغ المسامع السلطانية أن الحريق العظيم الذي حصل قريبا ما كان سببه إلا هؤلاء الفسقة الذين يغشون أماكن القهوة ويتناولون فيها ، فصدر عندئذ الأمر السلطاني بتخريب أماكن القهوة وحولت تلك الأمكنة إلى بيع الجلود وصنع الأخذية.
__________________
١ ـ صدر البيت مكسور على هذه الصورة ، وصوابه : سألوني عن الدخان وقالوا.