قبره ، وعمر غالب ضرائح الأنبياء والأولياء والصحابة بدمشق وما والاها من البلاد ، وبنى في طريق الحاج الشريف قلعة لبئر الزمرد واصطنع فيه آثارا جميلة ، وعمرّت في أيامه دار خزينة السراي بدمشق سنة ست وتسعين وبنى الجهة القبلية في السراي المرقومة جميعها وبنى محكمة الباب.
وكان رحمهالله تعالى له مبرات كلية وصدقات جلية وخفية خصوصا لمن أدركهم الفقر من ذوي البيوت وأهل العلم بدمشق فكان يتفقد أحوالهم ويبرهم ويكرم نزلهم ، وله عطايا جزيلة كل سنة للعلماء وأهل الصلاح والدين وإغاثة كلية للضعفاء والمساكين ، طاهر الذيل واللسان واليد من كل ما يشين ، ومدح من أدباء دمشق بالقصائد العديدة التي لو دونت لبلغت مجلدات وكان يجيزهم على ذلك الجوائز السنية ، وكانت أوقاته مصروفة في أنواع القربات من تلاوة قرآن واشتغال بالصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم أو رفع ظلامة عن مظلوم أو تنفيس كربة عن مكروب ، وبالجملة فهو أحسن من أدركناه من ولاة دمشق وأكملهم رأيا وتدبيرا ، ولم يزل على أحسن حال وأكمل سيرة حتى توفي بدمشق وهو وال عليها ثالث عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين ومائة وألف وحمل بمجمع عظيم لم يتخلف عنه أحد من أهل دمشق من الرجال والنساء ودفن بتربة الباب الصغير شمالي ضريح سيدنا بلال الحبشي رحمهالله تعالى اه باختصار قليل.
سنة ١١٧٨
ذكر تولية حلب لمحمد باشا الوزير
قال الفاضل عبد الله ميرو في تاريخه لحلب : محمد باشا الوزير دخل حلب برتبة روملي أمير الأمراء منفصلا على كلز سنة ثمان وسبعين ومائة وألف وأمرته الدولة العلية بنظام بيلان وباياس ، فنهض من حلب إلى أنطاكية ، وكان قتل بأنطاكية قره إبراهيم آغا غيلة قتله جماعة من أهل أنطاكية لأمور يطول شرحها ، ففتش صاحب الترجمة على القاتلين فظفر بالبعض ورتب جزاءهم ونهض منها إلى باياس وكان أهلها قد شقوا عصا الطاعة فحاصرهم ورئيسهم موسى بن إبراهيم ويس ، فبعد محاصرتهم ظفر بهم وعاد لحلب مظفرا فأنعمت عليه الدولة العلية المرتبة العالية الوزارة وكانت هي حاجته وأمنيته ، فاستقام بحلب إلى أن عزل في ست من شوال سنة ثمانين ومائة وألف بالوزير علي باشا ابن كور أحمد باشا الوزير ، ونهض