وهكذا استتب الأمر لخورشيد باشا وتمكن من فتح المدينة وقمع الثورة ، فرجا أهل الدعة من السكان وكثير من الثائرين أنه سيعاملهم بالرفق والحلم إذ كان الحلم والعفو من مكارم الأخلاق ، ولأنه كان في نفوسهم أنه أخذ المدينة صلحا ولم يعتدوا بالفتنة الأخيرة. أما هو فقد كان في نفسه أنه أخذها عنوة ولذلك رأى أن إفراطه في الحلم في هذا الموطن ضرب من التفريط فلم يعف عن زعماء الثائرين جميعا كما رجوا بل أمر بنفر منهم وفيهم ابن قجة نفسه فضربت أعناقهم وألقيت جثثهم في خندق القلعة وهرب من باقي الزعماء من هرب واختفى من اختفى فأذكى عليهم العيون وكان من يثقفه منهم يقتله صبرا ، واستمر على ذلك أياما كان عامة الأنكجارية يجلون في أثنائها أرسالا ، فلما تيقن أنه لم يبق منهم في المدينة أحد منهم يعتد به نادى بالأمان واطمأنت الناس وعادت المياه إلى مجاريها اه.
سنة ١٢٣٧
كان الوالي فيها بيلانلي مصطفى باشا كما في السالنامة. ومن آثاره تجديد العمارة التي على مرقد عماد الدين النسيمي في التكية المعروفة به بالقرب من دار الحكومة ، ودفن زوجته داخل القبة ولا زال قبرها موجودا.
ذكر الزلازل العظيمة وما تهدم فيها
قال الشيخ بكري الكاتب في مجموعته : في شهر آب حصل زلازل عظيمة هدمت حارة اليهود والعقبة وسوق العطّارين مكثت أربعين يوما كل يوم هزة وهدمت مكتب أولاد وبيوتا ودورا وكثيرا من أماكن البلد حتى اضطر الناس للخروج إلى ظاهر البلد واستعملوا بيوت الدف والشعر ، وانشقت منارة الجامع الكبير مقدار ما يسع إنسانا ووقع أحجار من وسطها من محل الأذان ، وطبق الشق في الحال وأثره باق إلى زماننا هذا وقد حشي بالحجارة ، وكان ذلك سنة ١٢٧٨ وقد شاهدت ذلك اه.
قال جودت باشا في تاريخه : في الساعة الثالثة من ليلة سادس ذي الحجة (١) من سنة ألف ومائتين وسبع وثلاثين ١٢٣٧ حصل في حلب وكلّز وأنطاكية وما يجاور هذه
__________________
(١) وجدت على ظهر كتاب في مكتبة المولوية بخط بعض الحلبيين أن الزلزلة كانت ليلة الأربعاء في الثامن والعشرين من ذي القعدة من هذه السنة وهو أصح مما ذكره جودت باشا من أنها كانت في السادس من ذي الحجة ، أما كونها ليلة الأربعاء فمما لا خلاف فيه كما ستقرؤه في الأبيات الآتية ، وقيل كانت ليلة السابع والعشرين كما ستقرؤه في المقامة الترمانينية قريبا.