وبرأ الحلبيين عما رماهم به قباد باشا ، ولكن قدح في عرض القاضي أعني قاضي حلب لا تهامه أنه عرض فيه فبرأته الحضرة العلية ، ثم ورد الحكم السلطاني لفرهاد باشا بالفحص ففحص من دزدار قلعة حلب وغيره من أركان الدولة فإذا أهل حلب مظلومون في الواقعة اه. تأمل.
سنة ٩٦٤
ذكر تولية حلب لفرهاد باشا
قال في در الحبب : دخل فرهاد باشا حلب سنة أربع وستين وتسعمائة متوليا إياها عوضا عن قباد باشا ، فطاف بشوارعها يوما من الأيام في خمسة أشخاص ليحيط بها علما وصار يخرج أحيانا من باب دار العدل وهو ماش باخيزرانة لأطراح كان عنده ، وظهرت له فضائل كالتكلم بالعربية والخوض في دقايق الصوفية واستحضار كثير مما في كتب التواريخ وشيء من الأحاديث حتى كان يقول : أنا أحفظ نحو ثلاثمائة حديث ، إلا أنه أكب على صنعة الكيميا وقرّب أربابها كالشيخ محمد بن مسلم المغربي وغيره وهو يعلم أنه لا يفوز منها بشيء ، ولهذا كان يقول إنها وظيفة لأهلها من المهد إلى اللحد. وأمر الزين الأرمنازي خطيب الجامع الأعظم بحلب أن يذكر الحسن والحسين رضياللهعنهما في الخطبة قبل الستة الباقية من العشرة ، فقد كان كما هو الحق لا يذكر بعد الأربعة إلا الستة ولا بعد الستة إلا العمين الحمزة والعباس ثم السبطين الحسن والحسين ، وأغلظ على الشيخ زين الدين في تأخير السبطين فاضطرب الناس لما أحدثه ، وكان هو السبب في أن ألفنا الرسالة التي سميناها «تأهيل من خطب في ترتيب الصحابة في الخطب». وكان لا يسفك دما وجب ويقول جهلا منه : هذه بنية الرب فكيف نخربها؟ ولا يقطع يد السارق ويرى الجريمة نعمة منه ويدا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي أيامه سنة خمس وستين وتسعمائة أشيع أن الجراد خرج في بعض القرى فخرج بعض الناس بأمره لجمعه ، وكان الناس في قحط عظيم وصل فيه رطل الخبز إلى عشرة دراهم ، فبينما هم كذلك إذ نادى بأن الخارجين لجمعه لم يجمعوا منه شيئا يعتد به وبأن يخرج أهل حلب في الغد لاستقبال ماء السمرمر ، وكان ماؤه قد ورد مرة أولى إلى حلب في أيام قباد باشا ، فخرجوا إلى قرية بابلّى ورجعوا كأنهم جراد منتشر مع الماء ، فرفع إلى مأذنة القلعة من غير أن يدخل تحت سقف لئلا تزول خاصيته ، وبات أهل حلب في سرور زائد. ثم ظهر أن