الجيوش العثمانية وعرف حركاتهم الحربية أمر الآلاي الثامن والثامن عشر من الرجالة وآلاي الحرس أن يسيروا عن طريق كلّز ويصعدوا إلى ذروة الجبل ويهجموا على ميسرة الجيوش العثمانية ، ثم أمر حسن بك المناسترلي بالهجوم على الميمنة من الجهة الثانية المعروفة بطريق أنطاكية ، وأقام إبراهيم باشا عن يمين ويسار فم الوادي فرقا من خيالة الأجناد ليعضد العساكر إذا ظفروا ويرد العدو عنهم إذا انكسروا ، فلما رأت العساكر العثمانية تقدم الجيوش المصرية وهي صاعدة إليها ومشرفة عليها من اليمين والشمال أطلقت عليها المدافع من الجانبين المحكمة على الطريقين ، فعند ذلك أمر إبراهيم باشا عسكره بالهجوم وإطلاق المدافع وتسابقت العساكر إلى الحرب فاشتبك القتال بين الجانبين واصطدمت الرجال بالرجال وسالت الدماء ، وكانت ساعة من ساعات القيامة أذهلت العقول وأشابت الأطفال ، وكانت النيران بين الطرفين غير منقطعة غير أن المصريين كانوا في الحرب أكثر انتظاما وأخف حركة ، واستمر القتال من العصر إلى بعد غروب الشمس ، وكانت جيوش الأتراك قد كلت وقتل منها ما يزيد عن ثلاثة آلاف نفس ، فعند ذلك اختل نظامها وتمزقت صفوفها فولّت الأدبار وتشتت شملها ولم يفقد من المصريين غير أربعمائة وعشرين شخصا واستولى المصريون على مدافعهم وذخائرهم.
وعند طلوع النهار أرسل إبراهيم باشا عباس باشا إلى الاسكندورنة في ستة آلاف مقاتل ليقتفي أثر حسين باشا السردار ، واتفق أن حسين باشا قبل أن تصل إليه أخبار الهزيمة كان موجودا في دار موسيو مارتينلي قنصل دولة فرانسة ، فبينما هو يتناول الطعام إذ بلغه هذا الخبر وما حل بعسكره فاستعظم المصاب فنهض للحال بمن بقي معه من الرجال طالبا الهزيمة والفرار ، وعند وصول عباس باشا إلى البلد وجدها مشحونة بالذخائر والعدد فاستولى عليها ، ثم أرسل سرية أسرت من كان متأخرا من جيوش الأتراك ، وما زال حسين باشا مجدا في السير إلى أن وصل إلى قونية.
وعاد إبراهيم باشا إلى حلب بعد أن كتب إلى أبيه من بيلان بما جرى.
استيلاء إبراهيم باشا على قونية
في الباب الثامن من الكتاب الموسوم بالمناقب الإبراهيمية تكلم على الحرب التي جرت بين إبراهيم باشا وبين محمد رشيد باشا الصدر الأعظم عند قونية وانتهت بأسر