الصدر المذكور واستيلاء إبراهيم باشا على قونية ، وأطال الكلام في ذلك وخلاصته : أن الدولة العلية لما بلغها انكسار جيشها الذي أرسلته بقيادة حسين باشا السردار عزلت حسينا وعيّنت محمد رشيد باشا الصدر الأعظم وأخذت في تجهيز العساكر ، وأما إبراهيم باشا فإنه أخذ في التقدم نحو القسطنطينية وخرج من حلب في الخامس عشر من ربيع الأول من السنة المذكورة وذلك يصادف الحادي عشر من آب سنة ١٨٣٢ ، ولما وصل إلى آدنة لم يجد فيها من يقاومه فاستولى عليها ثم سار نحو قونية ، فالتقى هناك بالجيوش العثمانية بقيادة محمد رشيد باشا وكان ذلك في التاسع والعشرين من رجب من السنة المذكورة وعددها خمسة وخمسون ألفا ، وكان عدد الجيوش المصرية ثلاثين ألفا ، وبعد حرب دامت سبع ساعات أسر الصدر وانكسرت الجيوش العثمانية وولت الأدبار واستولت الجيوش المصرية على ما معها من المدافع والذخائر والمهمات ، وأخذ من الجيوش العثمانية ثمانية آلاف أسير وستة وخمسون مدفعا وقتل خمسة آلاف رجل ، وقتل من العساكر المصرية ثمانمائة وجرح ألف وعشرون شخصا ، وبعد انكسار الجيوش العثمانية عاد إبراهيم باشا إلى قونية فدخلها ظافرا منصورا ومعه الصدر الأعظم محمد رشيد باشا وهو أسير فأكرمه غاية الإكرام وأحسن معاملته وأعطاه المحل ليجلس به وجلس هو بقربه ، ثم أمر إبراهيم باشا بالقهوة أن تحضر فأبى الصدر أن يشربها وخشي أن تكون مسمومة وطلب شربة من ماء فأحضرت ، ولما ملأ الساقي الطاس تمهل عن أخذها وشربها فمد إبراهيم باشا يده بسرعة وشرب منها قسما كبيرا ثم قال له : خذ ولا تسىء بنا ظنا.
الصلح بين الدولة العثمانية والحكومة المصرية
ورجوع إبراهيم باشا إلى سورية
قال في المناقب الإبراهيمية في الباب التاسع ما خلاصته : لما وصلت أخبار هذه الكسرة إلى القسطنطينية اضطرب الباب العالي ولم يبق في وسعه إلا التسليم للقضاء ، وفكر رجال الدولة فيما يجبر الخلل فلم يجدوا أوفق من الصلح ، فطلبوا إذ ذاك من فرنسا توسط الأمر فأجابتهم إلى ذلك وبعثت وكيل سفارتها البارون دي فارين برسالة إلى إبراهيم باشا وبأخرى إلى والده محمد علي باشا ، وبعد أخذ ورد تقرر أن تتنازل الدولة العثمانية للحكومة المصرية عن جزيرة كريد وعن آدنة وسورية ، وتحررت شروط العهد في السادس عشر من