البوسنة والهرسك. وفي سنة ١٢٨١ أرسل في الفرقة الإصلاحية التي سارت لإصلاح ما اختل من شؤون القوزاق ، ولما عاد سنة ١٢٨٢ عيّن عضوا في المجلس العالي ، وبعد قليل وجهت إليه رتبة الوزارة السامية ، ثم ضمت إيالات حلب وأطنة وألوية القوزاق ومرعش وأورفة إلى ولاية واحدة قصبتها مدينة حلب وعهدت حكومتها إليه ، فقدمها واستلم زمام الأحكام بهمة ونشاط نحو سنتين ، حتى إذا كان انقسام مجلس الأحكام العدلية سنة ١٢٨٤ إلى قسمين وتشكلت منه هيئتان عرفتا بمجلس شورى الدولة وديوان الأحكام العدلية ولي هو رئاسة ديوان الأحكام العدلية ، ثم تحولت هذه الرئاسة إلى نظارة الديوان ثم إلى نظارة العدلية ، وتشكلت تحت رئاسته لجنة علمية لتأليف كتاب في الفتاوي على مذهب أبي حنيفة فألفته وهو المعروف بمجلة الأحكام العدلية وعليه المعول في سائر المحاكم الشرعية والنظامية ، وفي سنة ١٢٨٨ عيّن عضوا في مجلس شورى الدولة ، وفي السنة التالية عهدت إليه ولاية مرعش ولم يلبث بها إلا قليلا ، ثم استقدم لتولي نظارة الأوقاف ، وفي سنة ١٢٩٠ عيّن ناظرا للمعارف.
(ثم قال) : وفي سنة ١٢٩٦ استعفى خير الدين باشا من مسند الصدارة فقام هو بمهامها موقتا ، ثم عهدت إليه نظارة العدلية ، وفي سنة ١٣٠٠ تغير الوكلاء جميعا فاعتزل الأعمال وأكب على المطالعة والتأليف ، ثم أعيد إلى نظارة العدلية ، وفي سنة ١٣٠٥ انفصل عنها وبقي من أعضاء مجلس الوكلاء إلى أن توفاه الله في ٢ ذي الحجة سنة ١٣١٢ ودفن في تربة السلطان محمد الفاتح وله من العمر ٧٤ سنة. وكان عالما فاضلا اشتهر في كثير من العلوم وخصوصا العلوم الإسلامية والتاريخ ، وكان يعرف اللغات التركية والفارسية والعربية معرفة جيدة تكلما وكتابة مع إلمام بالفرنساوية والبلغارية ، وكان سهل الخلق كريم الخصال وديعا متواضعا واسع العلم عالي الهمة مخلصا للدولة.
(مؤلفاته) : أما مؤلفاته فعديدة في التركية والعربية بين مطبوع وغير مطبوع أشهرها وأكبرها تاريخ آل عثمان المعروف بتاريخ جودت ، طبع بالتركية في تسعة مجلدات ، وهو جليل في بابه بل هو المرجع الوحيد لتاريخ الدولة العلية ، وقد عني في نقله من اللسان التركي إلى العربي عبد القادر أفندي الدنا رئيس محكمة تجارة بيروت فنشر منه الجزء الأول سنة ١٣٠٧ مطبوعا طبعا متقنا في بيروت. ومن مؤلفاته رسائل عديدة في العربية وبعض التعليقات طبعت مجموعة واحدة. وبعد أن سرد بقية مؤلفاته قال : وله تعليمات مخصوصة في نظارة المعارف لتدريس الطلبة على أساليب سهلة جديدة وجميع ذلك باللغة العثمانية ،