وفي ربيع الأول عين السلطان الأمير أزدمر الطويل الإينالي بأن يخرج ومعه خمسمائة مملوك من المماليك السلطانية إلى حفظ البلاد الحلبية ويقيم بحلب إلى أن تحضر التجريدة ويخرج عقيب ذلك ، وكان بلغ السلطان بأن عسكر سوار نزل على قلعة درندة وحاصرها ، فبادر الأمير أزدمر وخرج في قلب الشتاء ليحفظ حلب ، وكان في ذلك عين الصواب. (ثم قال) : فحمل لأزدمر الطويل ستة آلاف دينار وحمل لقجماس الطويل أحد أمراء الطبلخانات خمسمائة دينار وحمل للأمراء العشراوات لكل واحد منهم مائتي دينار وأعطى لكل مملوك مائة دينار ، فكان الذي صرف على هذه التجريدة التي خرج فيها أزدمر الطويل ومن عين معه من الأمراء ومن الجند وهم نحو من خمسمائة مملوك ما يزيد على مائتي ألف دينار ، فخرج أزدمر الطويل ومن عين معه من الأمراء ومن الجند في أوائل الشتاء ليقيم في حلب.
قال ابن إياس : وفي جمادى الآخرة عرض السلطان العسكر وأخذ في أسباب خروج العسكر إلى سوار وهي التجريدة الثانية ، فعين باش العسكر الأتابكي إزبك بن ططخ وقرقماس الجلب أمير مجلس وغيرهم من الأمراء زيادة على عشرين أميرا ، ثم رسم لأولاد الناس من أراد السفر فليسافر ومن لم يسافر يحمل إلى بيت المال مائة دينار ويقدمها بدلا عنه ، وهذا لمن يكون له جامكية وإقطاع ، ومن لم يكن له إقطاع وله ألف دينار أو له جامكية ألف درهم يحمل خمسة وعشرين دينارا ، وفيه أنفق السلطان على العسكر لكل مملوك مائة دينار ولكل أمير مقدم ألف ألفا دينار وحمل للأمراء الطبلخانات لكل واحد خمسمائة دينار وللأمراء العشراوات لكل واحد مائتا دينار ، فكان جملة ما صرف على هذه التجريدة نحوا من أربعمائة ألف دينار.
وفي شعبان خرج العسكر المعين إلى سوار فخرجوا من القاهرة في تجميل زائد وطلبوا أطلابا حافلة ، وفي ذي القعدة جاءت الأخبار من حلب بأن العسكر لما وصل أخذ باب الملك منهم وأنهم في استظهار على العدو سوار ، ثم جاءت الأخبار من نائب حلب بقتل مال باي الأقطع أخي سوار وجماعة كثيرة من عسكره وبعث برأس مال باي الأقطع ومعها رأسان من أمرائه ، فلما حضرت تلك الرؤوس طيف بها بالقاهرة ثم علقت بباب زويلة وباب النصر.