وعلى هذا الضوء لا فرق بين ان يكون المطلوب الوجود السعي ، وبين ان يكون المطلوب العدم السعي ، فان الأول كما ينطبق على كل فرد من الافراد كذلك الثاني ينطبق على كل عدم عن الاعدام ، ولا يتوقف صدق الثاني على مجموع الاعدام ، كما توهم ، كيف فانه كما يصدق على وجود كل فرد انه وجود الطبيعة ، كذلك يصدق على عدم كل منه انه عدم الطبيعة ، بداهة ان الوجود إذا كان وجود الطبيعة ، فكيف لا يكون عدمه البديل له عدما لها ، إذاً كيف يتوقف صدق عدم الطبيعة على عدم مجموع الافراد.
أو فقل : ان عدم الطبيعة بما هو ليس عدما آخر في مقابل الاعدام الخاصة ليقال ان صدق هذا العدم يتوقف على تحقق مجموع تلك الاعدام ، بداهة ان عدم الطبيعة عين تلك الاعدام ولا مطابق له غيرها كما ان وجودها ليس وجودا آخر في مقابل الوجودات الخاصة ، بل هو عين تلك الوجودات. وعلى هذا فإذا كان للطبيعة وجود واحد كان لها عدم واحد ، وإذا كان لها وجودات متعددة كان لها إعدام كذلك ، فالتفرقة بين وجود الطبيعة وعدمها مما لا أصل له ـ أصلا ـ وهي وان كانت مشهورة الا انها مبنية على ضرب من المسامحة.
واما الصورة الثانية (وهي ما إذا لو حظ الوجود مضافا إلى الطبيعة المطلقة) فقد ظهر مما تقدم ان لها أعداما متعددة بعدد وجودات افرادها ، وكل عدم منها طارد لوجوده ، لا له ولوجود غيره ، وكل وجود منها طارد لعدمه ، لا له ولعدم غيره. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان وجود الفرد كما انه عين وجود الطبيعي في الخارج ، كذلك عدمه عين عدمه فيه.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي ان الطبيعة كما توجد بوجود فرد منها كذلك تنتفي بانتفائه ، لفرض ان انتفاء الفرد عين انتفاء الطبيعة ، ولا يتوقف انتفاؤها على انتفاء جميع افرادها. نعم ان انتفاء الطبيعة المطلقة يتوقف على