ومصاديق هذه الطبائع.
وهذا بخلاف نتيجة تلك المقدمات في مثل قولنا «بع دارك» ـ مثلا ـ أو «ثوبك» أو ما شاكل ذلك ، فانها في مثل هذا المثال بدلي لا شمولي ، مع ان كلمة (بيع) في هذا المثال والآية الكريمة قد استعملت في معنى واحد ، وهو الطبيعي الجامع ، ولا تدل في كلا الموردين إلا على إرادة تفهيم هذا الجامع ، ولكن لخصوصية في هذا المثال كان مقتضى الإطلاق فيه بدلياً ، وهذه الخصوصية هي عدم إمكان ان يراد من بيع الدار بيعها من كل أحد وبكل شيء ، ضرورة ان العين الواحدة الشخصية غير قابلة لأن يبيعها من كل شخص وبكل صيغة في زمان واحد. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان المفروض عدم تقييد بيعها من شخص خاص وفي زمان مخصوص.
فالنتيجة على ضوئهما هي جواز بيعها من أي شخص أراد بيعها منه ، وهذا معنى الإطلاق البدلي وكون المطلوب هو صرف الوجود.
ومن ذلك يظهر حال الأوامر المتعلقة بالطبائع ، كالأمر المتعلق بالصلاة والصوم والحج وما شاكل ذلك ، فان قضية الإطلاق الثابت فيها بمقدمات الحكمة الإطلاق البدلي وصرف الوجود ، وذلك لما عرفت من انه لا يمكن ان يراد من المكلف كل ما يمكن ان تنطبق عليه هذه الطبائع في الخارج ، لاستحالة إرادة ذلك ، لأنه تكليف بالمحال ، وإرادة بعض افرادها دون بعضها الآخر تحتاج إلى دليل ، فإذا لم يكن دليل في البين فمقتضى الإطلاق هو ان المطلوب واحد منها وصرف وجودها المتحقق بأول الوجودات. واما تكرار الصلاة في كل يوم والصوم في كل سنة فهو من جهة الأدلة الخاصة ، لا من ناحية دلالة الأمر عليه.
وهذا بخلاف ما إذا فرض تعلق النهي بتلك الطبائع ، فان مقتضى الإطلاق الثابت فيها بمقدمات الحكمة هو الإطلاق الشمولي لخصوصية في تعلق النهي بها ،