للجهات الواقعية ، ضرورة ان البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وامتناعهما لا يختص بمذهب دون آخر ، كما هو ظاهر. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى قد تقدم ان النزاع في المسألة في سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به وعدم سرايته. وقد عرفت ان القول بالسراية يبتني على أحد امرين :
الأول ـ ان يكون المجمع واحدا وجودا وماهية.
الثاني ـ ان لا يتخلف اللازم عن الملزوم في الحكم ، بأن يثبت الحكم الثابت للملزوم له أيضاً ، والقول بعدمها يبتني على امرين معاً.
الأول ـ ان يكون المجمع متعددا وجودا وماهية.
الثاني ـ ان يتخلف اللازم عن الملزوم في الحكم بمعنى ان الحكم الثابت له لا يسري إلى لازمه ، وبانتفاء أحدهما ينتفي هذا القول.
فالنتيجة على ضوئهما هي ان النزاع في مسألتنا هذه لا يبتني على مسألة تبعية الأحكام الواقعية لجهات المصالح والمفاسد أصلا ، ضرورة ان إحدى المسألتين أجنبية عن المسألة الأخرى بالكلية ، ولا صلة لإحداهما بالأخرى أبدا.
وعلى الجملة فهاهنا مسألتان إحداهما مسألتنا هذه ، والأخرى مسألة تبعية الأحكام لجهات المصالح والمفاسد الواقعية ، وقد عرفت ان نقطة انطلاق الخلاف في إحداهما غير نقطة انطلاق الخلاف في الأخرى.
اما في الأولى فهي ان المجمع لمتعلقي الأمر والنهي ان كان واحدا وجودا وماهية في مورد الاجتماع والتصادق ، فلا مناص من القول بالامتناع والسراية حتى على مذهب الأشعري المنكر للتبعية من ناحية ، المجوز للتكليف بالمحال من ناحية أخرى ، فان هذا أعني اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ذاتا وحقيقة ليس من التكليف بالمحال ، بل نفس هذا التكليف محال ، كما هو واضح. وان