ولكن يرد عليه أولا ان هذا خارج عن محل الكلام فان محل البحث في المسألة كما عرفت في سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به وعدم سرايته. ومن المعلوم انه لا بد من فرض وجود الأمر ووجود النهي ، ليبحث في مورد اجتماعهما عن سراية أحدهما من متعلقه إلى ما تعلق به الآخر وعدم السراية والمفروض انه بناء على هذا ليس أمر ولا نهي ما عدا كون الفعل مشتملا على مصلحة ومفسدة ، لنبحث عن سراية أحدهما إلى الآخر وعدمها.
فالنتيجة هي ان مرد الإطلاقين على ذلك في الحقيقة إلى اخبار الشارع بوجود المصلحة والمفسدة في مورد الاجتماع لا إلى جعل حكم تكليفي.
وبكلمة أخرى ان حمل الأمر والنهي على ذلك أي على الاخبار عن وجود مصلحة في فعل ووجود مفسدة فيه ، بان يقال ان المولى في مقام بيان الاخبار عنه لا يمكن ، وذلك لأن هذا خارج عن وظيفة الشارع ، فان وظيفته بيان الأحكام الشرعية ، لا الاخبار عن وجود المصالح والمفاسد في الأفعال. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان هذا الحمل خارج عن المتفاهم العرفي وبعيد عنه جدا ، بل غير واقع في الشريعة المقدسة أصلا ، كيف فان حمل الأمر الوارد في الشريعة المقدسة على الاخبار عن وجود مصلحة في الفعل ، وحمل النهي الوارد فيها على الاخبار عن وجود مفسدة فيه لا يمكن بحسب المتفاهم العرفي أبدا.
وثانياً ـ لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان هذا الحمل ممكن عرفا الا انه عندئذ وان كان لا مانع من اجتماع المصلحة والمفسدة في شيء واحد في نفسه مع قطع النّظر عن تأثيرهما في المحبوبية والمبغوضية ، ضرورة انه لا مانع من ان يكون شيء واحد مشتملا على مصلحة من جهة وعلى مفسدة من جهة أخرى ، ولكن لا يمكن تأثيرهما في المحبوبية والمبغوضية معاً ، بداهة استحالة ان يكون شيء واحد محبوبا ومبغوضاً في آن واحد. وعليه فإذا فرض ان المجمع واحد وجوداً