منه قبيحاً ، فاذن لا مانع من الحكم بصحة العبادة في هذا الفرض ، وان لم يتحقق عنوان الامتثال ، فان عنوان الامتثال انما يصدق فيما إذا كان المأتي به مما تعلق به الأمر لا فيما إذا كان الحكم بصحته من جهة محبوبيتها ، كما في المقام. وقد ذكرنا ان سقوط الأمر لا يدور مدار حصول الامتثال ، بل هو يدور مدار حصول الغرض. ومن هنا ذكرنا في بحث التعبدي والتوصلي ان صحة العبادة لا تتوقف على قصد الأمر فحسب ، بل يكفي في صحتها إتيانها بقصد محبوبيتها ، أو اشتمالها على الملاك أو نحو ذلك.
الثالثة ـ انه يمكن ان يقال بحصول الامتثال في المقام حتى بناء على تبعية الأحكام لجهات المصالح والمفاسد في الواقع ، لا للجهات المؤثرة فيها فعلا ، وذلك لأن العقل لا يرى تفاوتاً بين هذا الفرد وبقية الافراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها ، فكما انه يحصل الامتثال بإتيان غيره من افراد هذه الطبيعة فكذلك يحصل بإتيانه ، فلا فرق بينهما بنظر العقل من هذه الناحية أصلا.
الرابعة ـ ان عدم انطباق الطبيعة المأمور بها بما هي على هذا الفرد يرتكز على تزاحم جهات المصالح والمفاسد في مقام تأثيرها في الأحكام الواقعية ، فانه على هذا حيث كانت جهة الحرمة أقوى من جهة الوجوب في الواقع ونفس الأمر ، فلا محالة هي المؤثرة فيها دون تلك. وعليه فلا يكون المجمع مصداقا للواجب. واما إذا فرض عدم المزاحمة بين تلك الجهات في الواقع ، وانه لا أثر لها ، والمزاحمة انما هي بين الجهات الواصلة في مقام فعلية الأحكام لكان المجمع بنفسه مصداقا للطبيعة المأمور بها بما هي ، ولكان الإتيان به امتثالا لأمرها ، وذلك لأن جهة الوجوب بما انها كانت واصلة إلى المكلف لفرض انها ملتفت إليها ، فهي المؤثرة دون جهة الحرمة ، لعدم الالتفات إليها.
وعلى الجملة فلا أثر للملاك الواقعي ولا تأثير له في الحكم الشرعي أبدا ،