تقييدية يعنى ان صدقها على الموجود في الخارج صدق الطبيعي على فرده والكلي على مصداقه ، كصدق البياض على البياض الموجود في الخارج والسواد على السواد الموجود فيه .. وهكذا ، وليست جهة الصدق فيها امرا خارجا عنها ومبايناً لها وجوداً ، وهذا معنى كون الجهة تقييدية.
واما العناوين الاشتقاقية فبما ان جهة الصدق فيها تعليلية فلا يمكن توهم اجتماع الأمر والنهي في مورد اجتماع اثنين من هذه العناوين ، لفرض ان الأمر والنهي لم يتعلقا بالجهتين التعليليتين ، بل تعلقا بنفس المعروض لهما ، والمفروض انه واحد وجودا وماهية. ومن المعلوم استحالة تعلق الأمر والنهي بشيء واحد حتى على مذهب من يرى جواز التكليف بالمحال كالأشعري فضلا عن غيره ، لفرض ان نفس هذا التكليف محال. وقد ذكرنا سابقاً ان القائل بالجواز انما يقول به بدعوى ان المجمع متعدد وجودا وماهية ، وان ما ينطبق عليه المأمور به غير المنهي عنه خارجا ، واما إذا كان المجمع واحدا كذلك فلا يقول أحد بجواز الاجتماع فيه حتى القائل بالجواز في المسألة ، وبما ان المعروض للعنوانين الاشتقاقيين في مورد الاجتماع واحد وجودا وماهية فلا محالة يخرج عن محل البحث في هذه المسألة ، ضرورة انه لم يقل أحد بجواز الاجتماع فيه حتى القائلين بالجواز ، بل يدخل في باب المعارضة ، وتقع المعارضة بين إطلاق دليل الأمر وإطلاق دليل النهي فلا بد عندئذ من رفع اليد عن إطلاق أحدهما لمرجح ان كان ، وإلا فيسقطان معاً.
ومن هنا لم نر أحدا من الفقهاء ـ فيما نعلم ـ ذهب إلى دخول ذلك في محل البحث في هذه المسألة ، بأن يبني على جواز اجتماع الأمر والنهي فيه على القول بالجواز فيها ، والوجه فيه ما أشرنا إليه آنفاً من ان القائل بالجواز يدعي تعدد المجمع في مورد الاجتماع وجودا وماهية ، ومع وحدته لا يقول بالجواز أصلا ولذا قلنا سابقاً ان مرد البحث في هذه المسألة إلى البحث عن وحدة المجمع في الواقع