الركوع والسجود والقيام والجلوس بدونهما ، لكان مجزئاً لا محالة ، ولا يجب عليه الإتيان بهما ، لفرض عدم دخلهما في المأمور به لا جزء ولا شرطا.
وعلى هذا الضوء فلا بد من ان يدرس ناحية كونهما من اجزاء الصلاة أو من مقدماتها ، الصحيح هو انهما من المقدمات وذلك لأن الظاهر من أدلة جزئية الركوع والسجود والقيام والجلوس هو ان نفس هذه الهيئات جزء فحسب ، لا مع مقدماتها من الهوى والنهوض ، لفرض ان هذه العناوين اسم لتلك الهيئات خاصة لا لها ولمقدماتها معاً. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان المذكور في لسان الأدلة انما هو نفس تلك العناوين على الفرض ، لا هي مع مقدماتها.
فالنتيجة على ضوئهما هي ان المستفاد من تلك الأدلة ليس الا جزئية هذه العناوين فحسب دون مقدماتها كما لا يخفى ، وتمام الكلام في ذلك في محله.
وعلى هدى هذا البيان قد ظهر انه لا شبهة في صحة الصلاة في الدار المغصوبة إذا فرض انها لم تكن مشتملة على الركوع والسجود ذاتاً كصلاة الميت على تقدير كونها صلاة ، وان ذكرنا في موضعه انها ليست بصلاة ، بل هي دعاء حقيقة ، أو عرضا كما إذا كان المكلف عاجزا عنهما وكانت وظيفته الصلاة مع الإيماء والإشارة بدلا عنهما ، لفرض ان الصلاة عندئذ كما انها ليست مصداقا للتصرف في مال الغير ، كذلك ليست متوقفة عليه ، وأما إذا كانت مشتملة على الركوع والسجود فوقتئذ تقع المزاحمة بين حرمة التصرف في مال الغير ووجوب الصلاة ، فلا بد من الرجوع إلى قواعد باب المزاحمة من تقديم الأهم أو محتمل الأهمية أو نحو ذلك على غيره ان كان ، والا فيتعين التخيير.
وعلى الجملة فعلى ما حققناه من ان الهوى والنهوض ليسا من أفعال الصلاة واجزائها لا مناص من القول بالجواز من هذه الناحية في المسألة. وعليه فإذا لم تكن مندوحة في البين تقع المزاحمة بين وجوب الصلاة وحرمة التصرف ، كما عرفت.