لا مكن تقدم كل شيء على آخر بالرتبة ، بل كان بملاك كتقدم العلة على المعلول رتبة بعد ما كانت مقارناً معه زماناً ، فانه قضية حق عليتها عليه ، وتقدم الشرط على المشروط كذلك ، فانه قضاء لحق الشرطية .. وهكذا ، ولا ملاك لتقدم عدم ضد على وجود ضد آخر رتبة أو بالعكس ، كما بينا ذلك في بحث الضد بشكل واضح فلاحظ.
ولكنه لا يتم بحسب مقام الإثبات والدلالة ، بيان ذلك هو انه لا شبهة في ان الأدلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير كقوله عليهالسلام لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفسه ونحوه لا تدل على التقييد المزبور وعدم الوجوب الا بالدلالة الالتزامية ، ضرورة ان مدلولها المطابقي هو حرمة التصرف في مال الغير بدون رضاه لا ذلك التقييد وعدم الوجوب ، ولكن بما ان الحرمة تنافي الوجوب ولا تجتمع معه فلا محالة ما دل على الحرمة بالمطابقة يدل على عدم الوجوب بالالتزام ، نظير ما إذا أخبر أحد عن قيام زيد مثلا ، فان اخباره هذا يدل على قصد الحكاية عن قيامه بالمطابقة وعلى عدم قعوده بالالتزام ، فان كل دليل يدل على ثبوت شيء لشيء بالمطابقة سواء أكان اخباراً أو إنشاء يدل على عدم ثبوت ضده له بالالتزام ، فلو دل دليل على حرمة شيء فلا محالة يدل بالالتزام على عدم وجوبه ، وهذا من الواضحات الأولية.
ويترتب على ذلك ان عدم التقدم بين عدم ضد ووجود ضد آخر أو بالعكس وعدم تفرع أحدهما على الآخر بحسب مقام الواقع والثبوت لا ينافي الترتب والتفرع بينهما بحسب مقام الإثبات والدلالة. بل قد عرفت ان ذلك من الواضحات بداهة ان الدلالة الالتزامية متفرعة على الدلالة المطابقية وفي مرتبة متأخرة عنها وان لم يكن بين ذاتي المدلولين أعني المدلول الالتزامي والمدلول المطابقي تقدم وتأخر في مقام الثبوت والواقع أصلا ، فان ذلك لا يمنع عن كون دلالة الدليل على