هذا القبيل ، فان الاضطرار إلى مطلق الكون في الأرض المغصوبة الجامع بين الخروج والبقاء لا يوجب الاضطرار إلى خصوص الخروج ، بل الخروج باق على ما هو عليه من كونه مقدوراً من دون ان يعرض عليه ما يوجب امتناعه. فالنتيجة ان الخروج ليس من مصاديق قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار.
الثاني ـ ان محل الكلام في هذه القاعدة انما هو فيما إذا كان ملاك الوجوب تاماً في ظرفه ومطلقاً أي من دون فرق في ذلك بين ان تكون مقدمته الإعدادية موجودة في الخارج أو غير موجودة وان يكون وجوبه مشروطاً بمجيء زمان متعلقه أولا ، وذلك كوجوب الحج ، فانه وان كان مشروطاً بمجيء يوم عرفة بناء على استحالة الواجب المعلق ، إلا ان ملاكه يتم بتحقق الاستطاعة كما هو مقتضى قوله تعالى : «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا» فانه ظاهر في ان ملاك وجوبه في ظرفه صار تاماً بعد تحقق الاستطاعة ، ولا يتوقف على مجيء زمان متعلقه وهو يوم عرفة ، وعليه فمن ترك المسير إلى الحج بعد
وجود الاستطاعة يستحق العقاب على تركه وان امتنع عليه الفعل عندئذ في وقته ، لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وكذا من ألقى نفسه من شاهق ، فانه يستحق العقاب عليه ، هذا هو الملاك في جريان هذه القاعدة ، ومن المعلوم ان هذا الملاك غير موجود في المقام بل هو في طرف النقيض مع مورد القاعدة ، وذلك لأن الخروج قبل الدخول في الدار المغصوبة لم يكن مشتملا على الملاك ، فالدخول فيها من المقدمات التي لها دخل في تحقق القدرة على الخروج وتحقق ملاك الحكم فيه ، ضرورة ان الداخل فيها هو الّذي يمكن توجيه الخطاب إليه بفعل الخروج أو بتركه دون غيره ، فاذن لا يمكن ان يكون الخروج داخلا في موضوع القاعدة. وعلى الجملة فمورد القاعدة كما عرفت