واما الكلام في المورد الثالث (وهو ما إذا كان المكلف متمكناً من الصلاة التامة الاجزاء والشرائط) في خارج الدار فلا إشكال في لزوم إتيانها في الخارج وعدم جواز إتيانها حال الخروج ولو على القول بالجواز في المسألة. والوجه في ذلك ظاهر وهو ان المكلف لو أتى بها في هذا الحال لكان عليه الاقتصار على الإيماء للركوع والسجود ، ولا يجوز له الإتيان بها معهما ، لاستلزامهما التصرف الزائد على قدر الضرورة وهو غير جائز ، فاذن لا بد من الاقتصار على الإيماء ، ومن الواضح جداً ان من يتمكن من المرتبة العالية من الصلاة وهي الصلاة مع الركوع والسجود لا يجوز له الاقتصار على المرتبة الدانية وهي الصلاة مع الإيماء ، ضرورة انها وظيفة العاجز عن المرتبة الأولى ، واما وظيفة المتمكن منها فهي تلك المرتبة لا غيرها ، لوضوح انه لا يجوز الانتقال من هذه المرتبة أعني المرتبة العالية إلى غيرها من المراتب إلا في صورة العجز عن الإتيان بها.
وان شئت فقل ان الواجب على المكلف هو طبيعي الصلاة الجامع بين المبدأ والمنتهى ، والمفروض ان المكلف قادر على إتيان هذا الطبيعي بينهما ، ومعه لا محالة لا تنتقل وظيفته إلى صلاة العاجز والمضطر وهي الصلاة مع الإيماء كما هو واضح. هذا على القول بالجواز. واما على القول بالامتناع فالامر أوضح من ذلك ، لأنه لو قلنا بجواز الصلاة حال الخروج في هذا الفرض أي فرض تمكنه من صلاة المختارة في خارج الدار على القول بالجواز فلا نقول به على هذا القول ، لفرض ان الصلاة على هذا متحدة مع الغصب خارجاً ومصداق له ، ومعه لا يمكن التقرب بها ، بداهة استحالة التقرب بالمبغوض.
وعلى الجملة فالمانع على القول بالامتناع امران : أحدهما مشترك فيه بينه وبين القول بالجواز وهو ان الصلاة مع الإيماء ليست وظيفة له ، وثانيهما مختص به وهو ان الصلاة على هذا القول متحدة مع الحركة الخروجيّة التي هي مصداق