لها أصلا ، ووجوب الغسل مشروط بوجود الجنابة ووجوب الصوم مشروط بدخول شهر رمضان ووجوب الصلاة مشروط بدخول الوقت ... وهكذا ، فهذه الأحكام جميعاً تدور فعليتها خارجاً مدار فعلية موضوعها وتحققه فيه.
ومن هنا قلنا ان كل قضية حقيقية ترجع إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له.
وعلى هذا الأصل فإذا علم الآمر بانتفاء شرط فعلية الحكم وانه لو جعل فلا يصير فعلياً أبداً من ناحية عدم تحقق موضوعه في الخارج فهل يجوز له جعله أم لا؟ قد يقال بعدم إمكانه ، لأنه لغو محض فلا يصدر من الحكيم ، وكذا الحال في القضية الخارجية فلا يجوز للمولى ان يأمر بزيارة الحسين عليهالسلام ـ مثلا ـ على تقدير السفر إلى كربلاء مع علمه بأنه لا يسافر .. وهكذا.
ولكن الصحيح في المقام هو التفصيل بين ما إذا كان انتفاء الشرط مستنداً إلى نفس جعل الحكم وكان هو الموجب له ، وما إذا كان مستنداً إلى عدم قدرة المكلف أو إلى جهة أخرى. فعلى الأول لا مانع من جعله أصلا إذا كان الغرض منه عدم تحقق الشرط والموضوع في الخارج من دون فرق بين ان يكون الجعل على نحو القضية الحقيقية أو الخارجية ، كما إذا قال المولى لعبده أو الأب لابنه «ان كذبت ـ مثلا ـ فعليك دينار» مع علمه بان جعل وجوب الدينار عليه على تقدير كذبه موجب لعدم صدور الكذب منه ، فيكون غرضه من جعله ذلك ، وكما إذا فرض ان جعل الكفارات في الشريعة المقدسة على ارتكاب عدة من المحرمات يوجب عدم تحققها في الخارج ، كوجوب القصاص المترتب على القتل الاختياري إذا فرض انه موجب لعدم تحقق القتل خارجاً ، ووجوب الحد للزاني وقطع اليد للسارق وما شاكل ذلك ، إذا فرض ان جعل هذه الأمور أوجب عدم تحقق ما هو الموضوع والشرط لها وهو الزنا في المثال الأول