______________________________________________________
ذلك نجاسة المشرك خاصة وهو أخص من المدعى ، إذ من المعلوم أنّ من أفراد الكافر ما ليس بمشرك قطعا فلا يصلح لإثبات الحكم على وجه العموم.
وأما الثاني فلأن الرجس لغة يجيء لمعان ، منها : القذر ، والعمل المؤدي إلى العذاب ، والشك ، والعقاب ، والغضب (١). والظاهر أن إطلاقه عليها على سبيل الاشتراك اللفظي ، فيكون مجملا محتاجا في تعيين المراد منه إلى القرينة ، على أن المتبادر من سوق الآية إرادة الغضب والعذاب ، كما ذكره أكثر المفسرين (٢).
وقوله : إن الرجس اسم لما يكره فهو يقع على موارده بالتواطؤ فيحمل على الجميع عملا بالإطلاق غير جيد ، أما أولا : فلأن إطلاق اسم الرجس على ما يكره لم يذكره أحد ممن وصل إلينا كلامه من أهل اللغة ، ولا نقله ناقل من أهل التفسير فلا يمكن التعلق به.
وأما ثانيا : فلأن إطلاقه على ما يكره لا يقتضي وجوب حمله على جميع موارده التي يقع عليها اللفظ بطريق التواطؤ ، لانتفاء ما يدل على العموم.
وأما اليهود والنصارى فقد ذهب الأكثر إلى نجاستهم ، بل ادعى عليه المرتضى (٣) ، وابن إدريس (٤) الإجماع. ونقل عن ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل القول بعدم نجاسة أسآرهم (٥). وحكى المصنف في المعتبر عن المفيد ـ رحمه الله تعالى ـ في المسائل الغرية القول بالكراهة ، وربما ظهر من كلام الشيخ في موضع من النهاية (٦).
__________________
(١) النهاية ( ٢ : ٢٠٠ ) ، ولسان العرب ( ٦ : ٩٤ ). وأقرب الموارد ( ١ : ٣٩١ ).
(٢) كالطبرسي في مجمع البيان ( ٢ : ٣٦٤ ) ، وأبي حيان الأندلسي في البحر المحيط ( ٤ : ٢١٨ ) ، وأبي السعود في تفسيره ( ٣ : ١٨٤ ).
(٣) الانتصار : (١٠).
(٤) السرائر : (٣٧١).
(٥) المعتبر ( ١ : ٩٦ ).
(٦) النهاية : (٥٨٩).