______________________________________________________
مغايرة الغسل للصب ولا كلام فيه ، خصوصا مع تصريحهم بأن المراد بالصب الرشّ. وإثبات المغايرة بينهما لا تتوقف على اعتبار العصر في الغسل كما بيناه.
وأما الثانية : فلأنها إنما تضمنت الأمر بالعصر في بول الصبي ، والظاهر أنّ المراد به الرضيع كما يدل عليه الاكتفاء في طهارته بصب الماء القليل عليه ، مع اعتبار المرتين في غيره ، وهي متروكة عند الأصحاب ، ويمكن حملها على الاستحباب ، أو على أنّ المراد بالعصر : ما يتوقف عليه إخراج عين النجاسة من الثوب ، فإنّ ذلك واجب قطعا. وكيف كان فلا يتم الاستدلال بها على المطلوب.
ولو قيل بعدم اعتبار العصر إلا إذا توقف عليه زوال عين النجاسة كان قويا ، ومال إليه شيخنا المحقق سلمه الله تعالى (١).
وينبغي التنبيه لأمور :
الأول : اعتبر المصنف ـ رحمهالله ـ في المعتبر العصر مرتين فيما يجب غسله كذلك (٢). واكتفى الشهيد في اللمعة بعصر بين الغسلتين (٣).
وقال الصدوق ـ رحمهالله ـ في من لا يحضره الفقيه : والثوب إذا أصابه البول غسل في ماء جار مرة ، وإن غسل في ماء راكد فمرتين ثم يعصر (٤). ومقتضى ذلك الاكتفاء بعصر واحد بعد الغسلتين.
ويمكن بناء الأقوال الثلاثة على الوجه المقتضي لاعتبار العصر ، فإن قلنا أنه دخوله في مسمّى الغسل وعدم تحققه بدونه ـ كما ذكره المصنف رحمهالله في المعتبر ـ وجب تعدده بتعدد الغسل قطعا. وإن قلنا أنه زوال أجزاء النجاسة الراسخة في الثوب به اتجه اعتباره
__________________
(١) مجمع الفائدة ( ١ : ٣٣٣ ).
(٢) المعتبر ( ١ : ٤٣٥ ).
(٣) اللمعة الدمشقية : (١٧).
(٤) الفقيه ( ١ : ٤٠ ).