______________________________________________________
قلت : ليس في هاتين الروايتين دلالة على ثبوت الإعادة على جاهل النجاسة مع انتفاء الاجتهاد ، أما الثانية فظاهر ، لأنها إنما دلت على الإعادة مع الصلاة في الثوب الذي غسلته الجارية لعدم وقوع الغسل على الوجه المعتبر وهو خلاف محل النزاع ، وقوله : « أما إنك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شيء » يمكن أن يكون المراد به : أنك لو غسلته لأزلت النجاسة فلم يكن عليك الإعادة.
وأما الأولى فلأنها إنما تدل على ثبوت الإعادة مع انتفاء الشرط ، وهو النظر في الثوب من باب دليل الخطاب ، وهو غير حجة إذا كان الشرط مخرجا مخرج الغالب كما قرر في محله.
احتج الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ في المبسوط على ما نقل عنه بأنه لو علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وجب عليه الإعادة ، فكذا إذا علم في الوقت بعد الفراغ (١).
والجواب بالمنع من الملازمة ، فإن ذلك يتوقف على الدليل ولم يثبت.
ويمكن أن يستدل له أيضا بما رواه الشيخ ـ رحمهالله ـ في الصحيح ، عن وهب بن عبد ربه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم بها صاحبه ، فيصلي فيه ثم يعلم بعد ، قال : « يعيد إذا لم يكن علم » (٢).
وأجاب عنها في التهذيب بالحمل على أنه إذا لم يعلم في حال الصلاة وكان قد سبقه العلم بحصول النجاسة في الثوب ، وهو بعيد. والأولى حملها على الاستحباب ، مع أنّ متنها لا يخلو من شيء ، ولا يبعد أن يكون : « لا يعيد إذا لم يكن علم » فتوهم الراوي وأسقط حرف النفي. والله أعلم (٣).
__________________
(١) لم نعثر عليه في المبسوط ، نعم نقل احتجاج الشيخ في المنتهى ( ١ : ١٨٤ ).
(٢) التهذيب ( ٢ : ٣٦٠ ـ ١٤٩١ ) ، الإستبصار ( ١ : ١٨١ ـ ٦٣٥ ) ، الوسائل ( ٢ : ١٠٦٠ ) أبواب النجاسات ب (٤٠) ح (٨).
(٣) الجواهر ( ٦ : ٢١٢ ). بل ربما احتمل كون الشرط من الراوي أكدّ به سؤاله فيما إذا لم يكن علم.