فيبقى الكلام في أنّ تلك عمومات وإطلاقات والأخبار الدالّة على التفصيل خصوصات ومقيّدات ، والخاص يحكّم على العام ، والمقيّد حاكم على المطلق.
ولنا أن نقول : العام إذا كان أقوى من جهة الأُمور الخارجة مع قطع النظر عن أنّه ظاهر والخاص نصّ فلا شك أنّه لا يجوز التخصيص والتقييد ، إذ يعتبر فيهما المقاومة بسبب المعتضدات الخارجة ، فإذا تساويا من جهة الأُمور الخارجة فالخاصّ مقدّم بسبب النصوصيّة.
وغير خفيّ أنّ عدم جواز الجماعة في النافلة والأخبار الدالّة عليه سيّما قوله عليهالسلام واعلموا أنّه لإجماعه في نافلة (١) مع اعتضادها بالشهرة العظيمة والإجماع المنقول وكونها مخالفة للعامّة وموافقة للأصحاب ومعتضدة بالأُصول المتقدّمة مع أنّها في نفسها أيضاً كثيرة ، وكذا الإطلاقات الّتي استدللنا بها على جواز إمامتها مطلقاً قويّة معتضدة بالشهرة ، بل الإجماع المنقول.
فلا وجه لترجيح الخاصّ الذي لا يساويها كثرة ولا يعارضها اعتضاداً ، مع مخالفته للأصل المدّعى عليه الإجماع ، وهو عدم جواز الجماعة في النافلة.
ويمكن أن يقال : إنّ الأدلّة الدالّة على عدم جواز الجماعة في النافلة لا عموم فيهما غير خبر واحد لا يبلغ حدّ الصحّة ، وعدم القول بالفصل أوّل المسألة ، فيبقى الأصل هنا مع الخبر العام.
وأما الإطلاقات الّتي ذكرتها فالصحيحين الأوّلين لا عموم فيهما ، لأنّ السؤال إنّما هو عن رفع الصوت ، وليس ههنا موضع الاحتجاج بتقرير المعصوم كما لا يخفى على المتدبّر ، فيحتمل أن يكون مراد الراوي أنّ المرأة الّتي تؤم فيما يجوز لها الإمامة كيف تفعل (٢).
نعم ينهضان دليلاً على المانع مطلقاً ، فيبقى الخبران الآخران ، وهما مطلقان غير
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٦٤ ح ٢١٧ ، الاستبصار ١ : ٤٦٤ ح ١٨٠١ ، الوسائل ٥ : ١٨٢ أبواب نافلة شهر رمضان ب ٧ ح ٦.
(٢) بدل ما بين القوسين في «م» : للإمام لها كيف يفعل.