هذه المقاصير لم تكن في زمن أحدٍ من الناس ، وإنّما أحدثها...
وإنّما قيّدنا بالمنع من المشاهدة لأنّ المشهور أنّه لا مانع من الحائل إذا كان مشبّكاً لا يمنع المشاهدة ، خلافاً للشيخ في الخلاف فحكم بالبطلان (١) ، واستدلّ بهذه الصحيحة.
وربّما يقال : وجه الدلالة أنّ المقاصير في الأغلب كانت مخرّمة.
وقد يضعّف بأنّ المقاصير المشار إليها لعلّها لم تكن مشبّكة ، فلا يعلم كونها باطلة مع ذلك.
ويمكن أن يقال : إنّ هذا إنّما يرد لو أراد المعصوم أشخاصاً معيّنين ، بل الظاهر أنّ مراده حينئذٍ جنس المقاصير المستحدثة ، فإذا كان أغلبها كذلك فيلحق الظن الشيء بالأعمّ الأغلب ، ولكن الشأن في إثبات الأغلبية.
وربّما يقال : وجه الدلالة قوله عليهالسلام : «إن صلّى قوم بينهم وبين الإمام ما لا يتخطّى» ، فإنّ الشبكة مانعة عن التخطّي. وهو بعيد ، لظهور إرادة مقدار المسافة ، لا إمكان التخطّي وعدمه من جهة الحائل.
وتشكل المسألة بأنّ إطلاق الجدار في الحديث يشمل الجدار المشبّك أيضاً.
وأنّ الأنسب كان أن يستثني عليهالسلام ذلك أيضاً ، حيث استثنى من كان بحيال الباب ، والاحتياط في عدم الاكتفاء بالجدار المشبّك وإن لم يدلّ دليل على بطلان الصلاة به ، سيّما وأكثر أحكام هذه الصحيحة على سبيل الاستحباب ، وسياقها أيضاً ذلك.
وأن الظاهر أنّ الجدار مفسّر للستر ، ولذلك اكتفى بعض المتأخّرين بما لو كان بينهما حائط قصير لا يمنع المشاهدة ولو في بعض الأحوال (٢) ، ولا يبعد ما ذكره في
__________________
(١) الخلاف ١ : ٥٥٦ مسألة ٣٠٠.
(٢) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٤١٨ ، والشهيد في البيان : ٢٣٦ ، والكركي في جامع المقاصد ٢ : ٤٩٩ ، وصاحب المدارك ٤ : ٣١٧.