الأصحاب من اعتبار الإصبع وأقل منه اللهم إلّا أن يجعل المراد طول الإصبع ، ولكنه لا ينتفي بذلك الإشكال بالمرّة أيضاً إلّا أنّ فهم الأصحاب مع ظهورٍ ما لما فهموه من اللفظ يكفي في ذلك الحكم ، سيّما مع توقّف اليقين بالبراءة على ذلك ، هذا.
مع أنّ الظاهر من الخبر من قوله «فإن كان أرضاً مبسوطة» إلى أخره هو ذلك التفصيل ، ولا حاجة إلى صدر الخبر ، إلّا أنّ ارتباطه بما قبله يورث وهناً في الظهور.
وأظهر دلالات الخبر على المطلوب إنّما هو على ما في أكثر نسخ الكافي كما ذكرنا ، فحينئذٍ تكون كلمة «إن» في قوله «وإن كان أرفع منهم بقدر إصبع» وصلية ، ويكون قوله «إذا كان الارتفاع ببطن مسيل» تأكيداً للتمثيل السابق ، ولهذا لم يأت بكلمة «في» مكان الباء ، فيكون المطلوب من أوّل الخبر إلى هنا بيان عدم جواز الارتفاع لو كان من قبيل الدكّان أو بطن المسيل ونحو ذلك ، وما بعده لبيان جواز العلوّ في المنحدرة : وبما يقرب من هذا يوجّه ما في الفقيه أيضاً.
وأما ما في التهذيب فلم أجد له وجهاً وجيهاً.
وتردّد في ذلك الحكم المحقّق في المعتبر (١) ، ولعلّه لاضطراب الخبر.
وحكم الشيخ في الخلاف بالكراهة (٢) ، وارتضاه بعض المتأخرين (٣).
واختلفوا في قدر العلوّ المانع ، فقيل : ما يعتدّ به (٤) ، وقيل : قدر شبر (٥) ، وقيل : ما لا يتخطّى (٦).
ولعلّ نظر القائل بالآخرين إلى رواية عمّار على بعض الطرق ، وصحيحة زرارة
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٤٢٠.
(٢) الخلاف ١ : ٥٥٦ مسألة ٣٠١.
(٣) المدارك ٤ : ٣٢٠.
(٤) المبسوط ١ : ١٥٦ ، المعتبر ٢ : ٤١٩ ، الشرائع ١ : ١١٣ ، التذكرة ٤ : ٢٦٠ ، المسالك ١ : ٣٠٦.
(٥) حكاه في الذخيرة : ٣٩٤ ، والبحار ٨٥ : ٥٢.
(٦) الكافي في الفقه : ١٤٤.