ولم يوجد هناك ناقل يقاومه ليترجّح عليه ، لما ذكرنا من عدم ظهور الأخبار في العامد ، مع أنّ الترجيح للمقرّر كما هو التحقيق ، والقدر الذي قابلة الناقل لقوّته وهو صورة النسيان فقد خصّصناه ، فتبقى صورة العمد بحالها.
ومن هذا يظهر وجه تفرقة الأصحاب.
ولكن يبقى الإشكال في تصريحهم بأنّه يستمر حتّى يلحقه الإمام ؛ ولم يحكموا ببطلان الصلاة حينئذٍ ، بل وحكموا بصحّتها ، فإنّ المحقّق والمقرّر عندنا بل وعند العلماء كافة وجوب المتابعة ، ومع التخلّف عن ذلك فالأوجه البطلان ، فكيف يحكم بالصحّة؟!
وموثّقة غياث أيضاً لا تنافي ذلك ، ولم تصرّح فيه بلزوم الاستمرار ، ولعلّه يكون المراد فيه البطلان أيضاً.
وقد يقال البطلان يظهر من كلام الشيخ في المبسوط أيضاً ، حيث قال : من فارق الإمام بغير عذر بطلت صلاته (١) ، ولا يخلو من إشعار.
ولعلّ نظر الأصحاب إلى أنّ المتابعة واجب خارج عن الصلاة ، فبتركه يحصل الإثم خاصّة ، ولعلّ في كلام الصدوق الذي ذكرنا أيضاً إشعار بذلك.
ويشكل هذا الحكم لو قلنا بأنّ الجماعة اسم (٢) للصحيحة منها.
ثم بعد البناء على ذلك فالموثّقة تحكم على مورد خاصّ ، والإجماع المركّب لم نقف على من يدّعيه ههنا ، ولم يظهر لنا القطع به ، فالأحوط في غير مورد الخبر العود والإعادة ، بل في أصل هذا الحكم عندي إشكال ، ولم أقف للأصحاب في ذلك على حجّة يعتدّ بها.
ثم إنّ العلامة رحمهالله ذهب في التذكرة والنهاية إلى استحباب العود في
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٧.
(٢) بدل اسم في «ح» : تامة.