وهذه الرواية ظاهرة في جواز القراءة ، وكذا صحيحة سليمان بن خالد المتقدّمة تشعر بذلك ، حيث قال عليهالسلام : «لا ينبغي» (١) وهو لا يدلّ على الحرمة ، بل هو ظاهر في الكراهة ، فالوجه الجمع بين الأخبار بالكراهة وأفضليّة التسبيح كما سنذكر.
وفيه : أنّ الصحيحة غير صريحة في المطلوب ، لمنع ظهور «لا ينبغي» في الكراهة ، غاية الأمر عدم دلالته على الحرمة ، ولعلّ الصحيحة ظاهرة في الركعتين الأخيرتين كما يشعر به قوله «وهو لا يعلم أنّه يقرأ» وسيجيء فيهما كلام.
ولو سلّمنا الظهور في المطلوب أيضاً ، فهو لا يعارض الأخبار الكثيرة الصريحة الصحيحة ، سيّما مع ما عرفت من أنّه الأوفق بالمذهب ، والمشهور بين الأصحاب على ما ظهر من كلام السيّد رحمهالله ، وإن كان يظهر خلافه من المحقّق رحمهالله ، فلا وجه لإخراج الأقوى عن ظاهره بمخالفة الأضعف ظاهراً.
ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الرواية ، والتوجيه المذكور يتطرّق فيها أيضاً على ضرب من العناية.
الثاني : إنّه يعارض ما دلّ على حرمة القراءة في الركعتين الأخيرتين مطلقاً بصحيحة عليّ بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الإمام ، أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ قال إن قرأت فلا بأس ، وإن سكتّ فلا بأس (٢).
ورواية أبي خديجة عن الصادق عليهالسلام ، قال إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأُوليين وعلى الذين خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ، وهم قيام ، فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك أن يقرءوا فاتحة الكتاب ، وعلى الإمام التسبيح مثل ما يسبّح القوم في
__________________
(١) تقدّمت في ص ١٥٠.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٩٦ ح ١١٩٢ ، الوسائل ٥ : ٤٢٤ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ١٣.