الحيض ؛ فلم تفت منها ، ووجوبه على الساهي والنائم لوجود المانع.
وهو تحكّم ، وكما يجوز أن تكون الطهارة شرطاً يجوز أن يكون الحيض مانعاً ، وكما يجوز أن يكون التمكّن من الطهور شرطاً يجوز أن يكون فقدان الماء مانعاً ، وهكذا يحتمل كون اليقظة شرطاً كما يحتمل كون النوم مانعاً ، مع أنّ عدم المانع أيضاً شرط من الشروط.
نعم يمكن أن يرجع في فهم الفوت إلى العرف.
لا يقال : هذا أمر شرعيّ لا مدخل للعرف فيه ، فإنّ كون الشيء مراد الشارع وغير مراده إنّما يعلم منه لا من العرف.
لأنّا نقول : إنّ من المحقّق عند العقل والعرف والعادة أنّ المدار في الإطاعة والامتثال على الظنون ، فكما يحسن بل يجب على المسافر تهيئة الزاد للسفر ، ولملاقي العدو أخذ الحذر والسلاح مع احتمال الفوت (١) قبل الاحتياج إلى الزاد ، وقبل لقاء العدو ، فكذلك للصحيح السالم في أوّل الوقت التهيّؤ للصلاة بل الدخول فيها بنيّة الوجوب مع احتمال الهلاك قبل التمام ، وكذلك نيّة الصيام في الليل ، والسفر إلى الحجّ قبل الموسم ، وأمثال ذلك. وهكذا الكلام في سائر أحوال المكلّفين.
فالظاهر في العقلاء الأصحّاء الخالين عن الموانع كونهم مكلّفين ، فلمّا كانوا في نظر أهل العرف مستعدّين لفعليّة تعلّق التكليف ، وقابلين لحصول العبادة منهم يصحّ في العرف أن يقال لمن سها أو نام منهم ولو قبل دخول الوقت حتّى خرج الوقت : إنّ الصلاة فاتت منه ، بخلاف الصغير والمجنون.
ونظير ذلك أنّ أهل العرف يقولون للتاجر المالك القنية الطالب للاسترباح إذا حصل له مانع من سفرٍ خاص : إنّه فات منه هذا الربح ، بخلاف الفقير الذي لا قنية
__________________
(١) في «ص» : الفوات.