حضر التمام كما اخترناه في أصل المسألة وبالعكس ، فيتبع القضاء الفائتة.
وما يتوهّم من أنّه في أوّل الوقت مخيّر بين أجزاء الوقت ، وهو مستلزم للتخيير بين مقتضياتها ، ولازم ذلك التخيير في القضاء بين القصر والإتمام ، إذ الفائت هو الكلي المخيّر فيه. ففيه أنّ التخيير ليس إلّا في اختيار الوقت ، وهو لا ينافي تعيّن مقتضاه عليه بسبب اختلاف الأحوال.
والحاصل أنّ حكم الشارع في هذا المقام : أنّك مخيّر في إتيان صلاة الظهر في أيّ ساعة شئت من الان إلى آخر الوقت ، ولكن إن اخترت إتيانها في ساعة كنت مسافراً فقصّر فيه ، وإن اخترتها في ساعة كنت حاضراً فتمّم ، وهكذا ، وهذا واضح.
ولعلّك تستشكل هنا في أنّ مقتضى ما ذكرت أنّ من فاتته الصلاة حال فقدان الماء أو في حال المرض الذي لا يقدر على القيام أنّ يأتي بالقضاء موافقاً لما فاته ، وليس كذلك جزماً ، وما الفرق بينهما وبين السفر والحضر؟
وفيه : أنّ الطهارة والقيام وستر العورة وأمثال ذلك شرائط لصحّة الصلاة من حيث هي صلاة ، ولا مدخليّة فيها لخصوصية الأفراد من كونها قضاءً أو أداءً ، أو قصراً أو تماماً ، أو ظهراً أو عصراً ، أو غير ذلك ، بخلاف أعداد الركعات فإنّها ليست من شرائط ماهية الصلاة ، بل هي مما اعتبر في أفرادها الأوّلية والثانوية.
فإنّ الصلاة الواجبة تنقسم على أقسام ، منها اليومية ، ثمّ اليومية تنقسم مرّة بالصلوات الخمس ، وأُخرى بالقصر والتمام وهكذا ، فالشرائط الاولى لا تنفك عن مهيّة الصلاة متى ما قدر عليها ، ولكن الاثنينية والأربعية ليستا من شرائط نفس الصلاة من حيث هي ، فيتبع فيها في حال القضاء ما حصل التكليف بها في حال الأداء.
ويدلّ على ما اخترناه أيضاً : حسنة زرارة المتقدّمة ، وروايته الأُخرى القويّة لموسى بن بكر عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «إذا نسي الرجل صلاة أو صلّاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقضِ الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص ، ومن نسي أربعاً فليقضِ أربعاً حين يذكرها ، مسافراً كان أو مقيماً ،