وجوب المقدّمة ما اختاراه ، سيّما على المشهور من وجوب الجهر والإخفات ، لأنّا وإن لم نقل بوجوب قصد الوجه في النيّة ، لكن قصد ما يميّز العبادة ويشخّصها لازم جزماً ، فإن توقّف على القصد فلا مناص عنه كما حقّقناه في محلّه.
سلّمنا عدم الاحتياج في المردّد بين الظهرين ، ولكنه لا يتمّ في المردّد بينهما وبين العشاء على الأقوى من وجوب الجهر والإخفات.
ولكن نختار المشهور ، للإجماع المنقول ، وما رواه عليّ بن أسباط ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال من نسي صلاة من صلاة يومية واحدة ولم يدرِ أيّ صلاة هي صلّى ركعتين وثلاثاً وأربعاً (١) ولا يضر الإرسال ، سيّما على هذا الوجه ، لاعتضادها بعملهم.
ومقتضى ذلك التخيير في الجهر والإخفات ، فهو بمنزلة المخصص لأدلّتهما ، بل يمكن أن يمنع شمول أدلّتهما لما نحن فيه ، فيتمّ الإتيان من باب المقدّمة بثلاث صلوات أيضاً ، لأنّ المكلّف به إنّما هو صلاة واحدة ، ولما كانت الزيادة والنقيصة مما لا بدّ من اعتبارها جزماً فنحتاط لهما ، بخلاف قصد التعيين والجهر والإخفات ، فالأصل عدم وجوبهما.
ومقتضى عدم لزوم تعيين القصد أنّ المسافر يقضي مغرباً وثنائيةً كما نقل عن المشهور فيه أيضاً (٢).
وخالفهم ابن إدريس ، وقال : إنّه قياس ، ولو لم يكن الإجماع ثمّة أيضاً لم نقل بكفاية الأربع عن الثلاث (٣).
وردّه العلامة بأنّه ليس بقياس ، بل إنّما هو مدلول الرواية من باب التنبيه (٤) ،
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٩٧ ح ٧٧٤ ، ٧٧٥ ، الوسائل ٥ : ٣٦٥ أبواب قضاء الصلوات ب ١١ ح ١.
(٢) المختلف ٣ : ٢٣.
(٣) السرائر ١ : ٢٧٥.
(٤) المختلف ٣ : ٢٦.