مورد خاصّ على تقديم الأصل على الظاهر ، كما في أحكام النجاسات والطهارات والأحداث ونحوها.
والحاصل أنّ الدليل على لزوم الفعل أو العلم بفعل الغير هو استصحاب شغل الذمّة لا نفسه ، والظنّ الحاصل بوجود سبب السقوط وهو فعل الغير يرفع ذلك الظنّ كما هو المفروض ، مع أنّ طلب العلم موجب للحرج والعسر الشديد.
والقائلون بلزوم العلم لا يكتفون بإخبار العدل (١) ، بل بعضهم توقّف في قبول شهادة العدلين أيضاً (٢).
والحقّ على القول بلزوم العلم كفاية خبر الثقة ، لدلالة أية النبإ عليه (٣) ، ولا ريب أنّ حجّية خبر الواحد تستلزم القول برفع البراءة اليقينية الثابتة ، فكيف لا ترفع شغل الذمّة الثابت.
والحاصل أنّ ظنّ المجتهد قائم مقام اليقين.
والقول بالاكتفاء بالظن المعلوم الحجية كالخبر وظاهر الكتاب ونحوهما غير تمام ، لأنّه لا دليل عليها إلّا كونها ظنّ المجتهد كما حقّقناه في الاصول (٤) ، فلا يتفاوت الظنّ الحاصل منها مع الظنّ الحاصل من غلبة حصول السبب المستلزم للظنّ بحصول المسبب.
مع أنّا لو سلّمنا الاقتصار على المعلوم الحجية فلا مناص عن العمل بخبر العدل الواحد لعموم أية النبإ ، ولم نقف على من فرّق بين الظنون.
نعم نقل عن بعضهم كفاية العدلين (٥).
__________________
(١) كما في الذخيرة : ٧٩.
(٢) قد يظهر من روض الجنان : ٩٢ ، والمدارك ٢ : ٥٥ ، والذخيرة : ٧٩ ، والحدائق ٣ : ٣٥٩.
(٣) الحجرات : ٦.
(٤) القوانين : ٤٠٣ ، ٤٤٠
(٥) نقله في روض الجنان : ٩٢.