وعن قرب الإسناد أيضاً عن الحسين بن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله صلّى على الجنازة ، فلمّا فرغ منها جاء قوم لم يكونوا أدركوها فكلّموه أن يعيد الصلاة عليها ، فقال لهم : قد قضيت الصلاة عليها ، ولكن ادعوا لها» (١). وهذه مستند الأكثر في الحمل على الكراهة.
ومقتضى طائفة أُخرى جواز التكرار من المصلّي الواحد إن كان إماماً ، مثل حسنة الحلبي (٢) وغيرها (٣) مما ورد في الصلاة على سهل بن حنيف.
وطائفة منها تدلّ على جواز التكرار منفرداً ، مثل ما ورد من الأخبار في أنّ الناس كانوا يصلّون على رسول الله صلىاللهعليهوآله فوجاً فوجاً فرادى ، وأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أمرهم بذلك بعد ما صلّى هو عليه جماعة (٤).
أقول : وظاهر الأصحاب الاتفاق على الجواز كما يظهر من المدارك أيضاً (٥) ، والأصل يقتضي حرمة التكرار ، لأن الامتثال بالطبيعة يحصل بفرد ، والإتيان بها ثانياً يحتاج إلى أمر جديد ، فلا بدّ من الاكتفاء بما دلّ عليه الدليل.
وظاهر اتّفاقهم إن ثبت كما هو الظاهر فهو المثبت للجواز.
وكلّما ظهر رجحانه من الروايات فلا يبعد القول فيه بالاستحباب ، كمن لم يصلّ ، والإمام أيضاً ، لإدراك الفضيلة ، بل لا يبعد استفادة المأموم أيضاً من حكاية الصلاة على سهل ، فإنّ تلك الأخبار تدلّ على أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام صلّى عليه بخمس تكبيرات ، وكلّما مشى جاء جماعة قالوا : يا أمير المؤمنين عليهالسلام لم ندرك الصلاة على سهل ، فكان يضعه ويكبّر عليه خمساً حتّى بلغ خمساً
__________________
(١) قرب الإسناد : ٤٣ ، الوسائل ٢ : ٧٨٠ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ١٣.
(٢) التهذيب ٣ : ٣٢٥ ح ١٠١١ ، الاستبصار ١ : ٤٨٤ ح ١٨٧٦ ، الوسائل ٢ : ٧٧٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٦ ح ١.
(٣) انظر الوسائل ٢ : ٧٧٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٦.
(٤) الوسائل ٢ : ٧٧٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٦.
(٥) المدارك ٤ : ١٨٤.