أقول : وقد مرّت رواية عليّ بن جعفر الدالّة على البناء والجلوس هنا (١) ، ورواية يونس بن ظبيان في صلاة الميّت على قبره (٢).
واستثنى الأصحاب من مسألة البناء والتجديد والتجصيص والصلاة قبور الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ؛ لإطباق الإمامية عليه في كلّ عصر ، وللروايات الواردة في فضيلة تعميرها وتعاهدها (٣) ، ولأنّ فيها إعانة على زيارتهم ، وتعظيماً لشعائر الله ، وتحصيلاً لمصالح دينية لا تحصل غالباً إلّا بها. وكذلك تدلّ الأخبار (٤) على جواز الصلاة عند قبورهم (٥) ، وعلى الفضل العظيم والثواب الجسيم في ذلك.
بل وكذلك الأمر في قبور أولاد الأئمّة والعلماء والصلحاء ، فإنّ تعميرها والبناء عليها وتعاهدها كان متداولاً بين الخاصة والعامة من دون نكير.
ومن ذلك يظهر جواز تزيين قبور الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ، بل وغيرهم من أولادهم وأتباعهم الصالحين بالفرش والصناديق والقناديل ، وغير ذلك مما يوجب تعظيمهم واحترامهم.
بقي الكلام في معنى قوله عليهالسلام «أو مثّل مثالاً» فقال الصدوق : إنّ المراد منه من أبدع بدعة ودعا إليها أو وضع ديناً (٦).
أقول : ويمكن أن يراد به تصوير ذوات الأرواح المظلّلة ، وتأويل الخروج عن الإسلام بأحد الأمرين المتقدّمين.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٦١ ح ١٥٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٧ ح ٧٦٧ ، الوسائل ٢ : ٨٦٩ أبواب الدفن ب ٤٤ ح ١.
(٢) التهذيب ١ : ٤٦١ ح ١٥٠٤ ، وج ٣ : ٢٠١ ح ٤٦٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٢ ح ١٨٦٩ ، الوسائل ٢ : ٨٦٩ أبواب الدفن ب ٤٤ ح ٢.
(٣) الوسائل ١٠ : ٢٩٨ أبواب المزار ب ٢٦.
(٤) الوسائل ١٠ : ٢٧٠ أبواب المزار ب ٧.
(٥) في «ح» : إلى قبورهم.
(٦) الفقيه ١ : ١٢١ ذ. ح ٥٧٩.