والعجب من بعض المتأخّرين استدلاله بهذا الحديث على نفي وجوب السلام (١) ، وهو في الدلالة على نقيضه أظهر.
وحينئذٍ فيبقى الكلام في أنّ الأكثر من القائلين بوجوب السلام يقولون : إنّ الخروج إنّما هو «بالسلام عليكم» ، وادّعى على كونه مخرجاً عن الصلاة وأنّ به ينصرف المصلّي الإجماع من علماء الإسلام الفاضلان (٢) والشهيد (٣).
فأما كلام الأكثر فلا حجية فيه من حيث هو كلامهم.
وأما الإجماع المنقول فهو لا ينافي ما حقّقناه ، إذ الإجماع في أنه يحصل الخروج بذلك ، لا أنه لا يحصل بغيره ، وذلك يتحقّق إذا أبى المصلّي إلّا عن القول بالسلام عليكم ، أو قدّمه على قول السلام علينا ، أي جوّزنا ذلك. وإن قدّم السلام علينا فالحقّ أنّه لا يبقى مجال (٤) تأثير لقول «السلام عليكم» لأنّه مخرج كما حقّقناه.
وبالجملة ما ادّعيناه مطلقاً ، وما ادّعوه أيضاً مطلقاً ، ولا يتناقضان أبداً ، وما أوردناه من الأدلّة لا يثبت التعيّن ، بل يثبت حصول الانصراف مطلقاً.
وأما الحصر المستفاد من رواية أبي كهمس فهو إضافيّ بالنسبة إلى السلام عليك أيها النبيّ.
وأما الحصر المذكور في رواية أبي بصير فلعلّه محمول على أنه إن كنت إماماً وأردت القول بكلا اللفظين فالتسليم المعهود الذي هو تحليل الصلاة إنّما هو مجموع ذلك القول ، ويصير الأخر إذناً ، فتأمّل.
وارتكبنا ذلك للجمع بين الأدلّة.
ثمّ إنّ أكثر القائلين بوجوب التسليم أوجبوا قول «السلام عليكم» بل قال في
__________________
(١) المدارك ٣ : ٤٣٠.
(٢) المحقّق في المعتبر ٢ : ٢٣٥ ، والعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٥٠٤.
(٣) الذكرى : ٢٠٦.
(٤) في «ص» : بحال.