ويزيد ذلك ظهوراً في الدلالة ما رواه في العيون أنّ دار السندي بن شاهك التي كان الكاظم عليهالسلام محبوساً فيها كانت قريبة من دار الرشيد ، وكان الرشيد إذا صعد سطح داره أشرف على الحبس ، فقال يوماً للربيع : يا ربيع ، ما ذلك الثوب الذي أراه كلّ يوم في ذلك الموضع؟ فقال له الربيع : ما ذاك بثوب ، وإنّما هو موسى بن جعفر عليهالسلام ، له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال (١).
وفي العيون أيضاً ، عن رجاء بن أبي الضحّاك ، عن الرضا عليهالسلام أيضاً أنّه كان إذا صلّى الغداة ، فإذا سلّم جلس في مصلّاه يسبّح الله ويحمده ويكبّره ويهلّله ويصلّي على النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى تطلع الشمس ، ثمّ يسجد سجدة يبقى فيها حتّى يتعالى النهار إلى أن قال وكان يسجد بعد الفراغ من تعقيب الظهر سجدة يقول فيها مائة مرّة شكراً لله ، ثم قال : وكان يسجد بعد تعقيب المغرب قبل النافلة وبعد تعقيب العشاء» (٢).
ويلائمه أنّ السجدتين مستحبتان عند تجدّد النعم ودفع النقم بالإجماع والأخبار (٣) ، ولا شكّ أنّ التوفيق للتعقيب أيضاً من عظائم النعم ، فإيقاع السجدتين عقيبه في محلّه.
والظاهر أنّ تقديمهما على التعقيب لا يخرج التعقيب عن كونه تعقيباً ، وأنّه لو ثبت استحباب التأخير لكان مستحبّاً آخر كما تقتضيه الإطلاقات في جانب التعقيب والسجدتين.
ويؤيّده ما ورد من تقديم السجدتين على نافلة المغرب مع ملاحظة ما عرفت من رجحان تقديم النافلة فيه على التعقيب.
ففي صحيحة سعدان بن مسلم ، عن جهم بن أبي جهم ، قال : رأيت أبا الحسن
__________________
(١) عيون أخبار الرضا (ع) ١ : ٩٥ ب ٧ ح ١٤.
(٢) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ١٨٠ ح ٥ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٤ أبواب سجدتي الشكر ب ٢ ح ٦.
(٣) الوسائل ٤ : ١٠٨٠ أبواب سجدتي الشكر ب ٧.