.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ اعلم أنّ الخلاف جار في قصاص الطرف والجراح أيضا ، وأنّ دليل المذهب المشهور جيّد.
ولكن فيه اشكال من جهة أنّ حفظ النفس عن القتل والجرح واجب ولو ببذل المال مهما أمكن ، ولذا (ولهذا ـ خ) يجب ان أريد قتله ان يبذل ماله ويخلّص نفسه ويخلّى ماله ليؤخذ ولا يجوز الجدال لو ظنّ قتله ، وأمثال ذلك كثيرة ، فكان ينبغي أن يجب على القاتل بذل المال ان رضى صاحب الدمّ به وليس مقتضى المذهب الأوّل.
ودليله عدم وجوب بذل المال عليه بعد رضا وليّ الدّم ، كما يفهم من كلام صاحب هذا المذهب ، إذ لا منافاة بين عدم وجوب شيء عليه أصالة غير القود وبين وجوب إعطاء المال على القاتل لتخليص نفسه من القتل بعد رضا ولي الدّم به لوجوب حفظ النفس المعلوم من دليل آخر نقلي وعقلي فإن كلّ عاقل يدرك أنّ الذي لا يفك نفسه من القتل بالمال الذي له خصوصا إذا كان قليلا جدا ، مذموم.
كما أنّه يجب عليه ان يقبل العفو والإبراء لو أبرأه وليس له ان يقول ، ما أريد العفو والإبراء اقتلني قصاصا ، فليس هنا ما يقتضي عدم وجوب حفظ النفس ببذل المال حتّى يخصّص أدلة وجوب حفظ النفس به ، فتأمّل.
فالوجوب غير بعيد كما هو مذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل وان كان المذهب هو المشهور ، فافهم.
ولا شكّ أنّ الأولى والأحوط له ان يفكّ نفسه بالمال وإن كان أضعاف الدية بعد رضا ولي الدّم ان أمكنه ذلك واعلم أيضا أنّ قول المصنف : (ولا يجب الدية إلّا صلحا) أي إلّا برضا ولي الدّم والقاتل بها (١) بناء على المذهب المشهور.
__________________
(١) يعني مع رضائه ولي الدّم والقاتل بالدية.