أيام ، ثم أمر بالتبريز إلى مدينة حلب ولفق عساكره من كل جنس من عرب ومن جركس ومن كرد ومن دروز ومن سفل العالم وممن لا خير فيه وخرج من دمشق في ضجة عظيمة من شرار الناس وممن لا يرتجى خيره ، ولما وصلت الأخبار إلى نائب حلب وكان أميرا من صناجق السلطان سليم رومبا لا قدرة له على تلك الجموع فما وسعه إلا أن كتب بذلك إلى السلطان سليمان بأن يرسل له عسكرا ترد الغزالي وإلا أخذت حلب من يدي ، وها أنا محاصر إلى أن يريد الله تعالى. ولما وصل جان بردي إلى حلب وجد أبوابها قد قفلت وطلع الناس على سورها ، فلما قرب منها رموا عليه بالمدافع والأحجار فأمر بالإقامة لأجل أن يحاصرها فمكث ثلاثة أشهر ولم يقدر على أخذها ، فدخل عليه الشتاء واشتد البرد ، فما وسعه إلا الرحيل عنها ونوى أنه إذا جاء الصيف يرجع إليها ، ثم أمر بالرحيل فأخذ عساكر حلب وأهلها في شتمه وسبه ولعنه وهو يسمعهم ويسمع كلامهم وصياحهم وضحكهم عليه فرجع مخزيا مشتوما مطرودا ، فلما وصل إلى دمشق تفرقت تلك الجموع إلى بلادهم وقد دخل عليهم الشتاء وقاسوا من البرد والمطر ما لا يوصف.
سنة ٩٢٧
قال القرماني : ولما بلغ السلطان سليمان أن جان بردي الغزالي غدر وخان أمر وزيره فرهاد باشا أن يسير مع جند الباب وجماعة من طائفة اليكجرية إلى قتال الخارجي المذكور ، وعين معه أمير الأمراء بروم أيلي وأناطولي وقرمان إياس باشا بأن يسيروا بمن معهم من الجيوش ، وكان معهم ثمانية عشر من المدافع الكبار ، فلما سمع الغزالي بقدومهم خرج من الشام لأرض القابون مغترا بشهامته وحسن رأيه طالبا لأخذ الانتقام من الأروام ، فاتفق ملاقاة العسكر بموضع يقال له المصطبة بأرض القابون ، وكان ذلك يوم الثلاثاء السابع والعشرين من صفر الخير سنة سبع وعشرين وتسعمائة ، فاندهك الخارجي بمن معه تحت أرجل الخيل فلم يعلم له ولجنوده أثر. ولما وصل الوزير فرهاد باشا لم يجد من يقابله ويقاتله فدخل البلد ومهدها وفوض نيابة الشام إلى إياس باشا المتقدم.